كوربين يخرج من عباءة العمال ويشكل حزبا جديدا

السياسي – أعلن زعيم حزب العمال السابق جيريمي كوربين عن تأسيس حزب جديد بالتعاون مع النائبة السابقة زارا سلطانة، تحت اسم مبدئي “حزبكم ـ Your Party”، واعدًا بـ”بناء حركة ديمقراطية تواجه الأثرياء وأصحاب النفوذ ـ وتنتصر عليهم”.
الخطوة، التي وُصفت بأنها قد تعيد رسم خريطة اليسار البريطاني، تأتي بعد سنوات من التوتر بين كوربين وقيادة حزب العمال الحالية برئاسة كير ستارمر، الذي دفع باتجاه إقصاء التوجهات اليسارية الجذرية من الحزب.
كوربين أكد، في منشور على منصة “إكس”، أن المؤتمر التأسيسي للحزب الجديد سيعقد في الخريف المقبل، دون تحديد موعد نهائي حتى الآن. وأشار إلى أن الهدف من الحزب ليس فقط خوض الانتخابات، بل تشكيل “حركة جماهيرية” تنطلق من قاعدة شعبية واسعة.
إعلان كوربين يأتي في وقت حرج بالنسبة لحزب العمال، الذي عاد إلى السلطة مؤخرًا بقيادة ستارمر، بعد سنوات من حكم المحافظين. ومع أن الحزب الجديد لم يُعلن بعد برنامجه الكامل أو توجهه الانتخابي، إلا أن ملامح “السيادة الشعبية” والعدالة الاجتماعية التي يروج لها كوربين قد تجد صدى لدى شريحة من الناخبين الساخطين على الوسطية الليبرالية التي يتبناها ستارمر.


في مقابل هذا الحراك اليساري الجديد، شهدت المملكة المتحدة عدة تطورات أخرى على المستويات الدبلوماسية والاجتماعية:
ـ “يوم تاريخي” كما وصفه كير ستارمر بعد توقيع اتفاق تجارة مع الهند، قال عنه إنه “الأكبر منذ البريكست”، في حين أشاد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بالاتفاق واعتبره “خارطة طريق لازدهار مشترك”.
ـ بينما تتجه الحكومة نحو مراجعة قوانين اللجوء، حذر وزراء من احتمال تصاعد الاحتجاجات حول مراكز إيواء اللاجئين، بعد أحداث شهدتها منطقة “إيبينغ”.
ـ سياسيون وناشطون دعوا للاعتراف الفوري بدولة فلسطين، في ظل تزايد الإدانات لجرائم الاحتلال في غزة، من بينها وصف رئيس أساقفة يورك لما يحدث بأنه “بربرية وتجريد من الإنسانية”.
ـ إد ديفي، زعيم الديمقراطيين الأحرار، دعا سلاح الجو البريطاني لإلقاء المساعدات جواً على غزة، في ظل تواصل الحصار وتعثر إدخال المساعدات براً.
ـ في مشهد لا يخلو من مفارقة، أبدت كيمي بادينوخ، وزيرة الأعمال، إعجابها بالرئيس الأرجنتيني اليميني المتطرف خافيير ميلي، قائلة إنها تطمح لأن تكون “ميلي بريطانيا”! في مؤشر على مدى انقسام الطيف السياسي في البلاد.
السؤال المطروح الآن: هل يستطيع كوربين أن يستثمر رصيده الشعبي ـ خاصة بين الشباب والناشطين المناهضين للرأسمالية ـ ليُحدث خرقًا في نظام حزبي تقليدي شديد الاستقطاب؟ أم أن تجربته الجديدة ستُضاف إلى سلسلة مشاريع سياسية هامشية لم تتمكن من الصمود في وجه الحزبين الكبيرين؟
ما يبدو واضحًا هو أن كوربين لا يراهن فقط على الانتخابات، بل على “تحريك الوعي” وإحياء خطاب العدالة الاجتماعية ورفض هيمنة المؤسسات المالية على القرار السياسي، وهو ما قد يعيد إحياء جزء من إرثه السياسي الذي تعمد حزب العمال طمسه بعد مغادرته القيادة.
وفي بلد تتسع فيه الفجوات الطبقية ويُطرح فيه ملف الهوية الوطنية والهجرة بقوة، قد يكون لصوت كوربين ـ ولو من خارج المؤسسة ـ دور في إعادة صياغة أولويات النقاش العام في بريطانيا ما بعد البريكست.