السياسي – عامان مرا على السابع من أكتوبر، اليوم الذي انقلبت فيه الموازين، واشتعلت فيه جبهاتُ الشرق الأوسط.
فمنذ ذلك اليوم، لم تعرف غزة سوى رائحة الدخان ولون الدماء، أحياءٌ سويت بالأرض، ومستشفياتٌ تحولت إلى مقابر صامتة، ومدارس تكسوها ظلالُ الدمار بدلا من ضجيج التلاميذ.
عامان مضيا على اندلاع تلك الحرب التي تحولت إلى طوفان من نار يلتهم غزة حجرًا وبشرًا،
عامان من الإبادة التي غيرت وجه القطاع، ومسحت من خرائطها الأحياء، ومن سجلاتها الأسر، ومن ذاكرة أطفالها ملامحَ الطفولة.
في غزة، لم يعد الليل يعني السكون، ولا الفجرُ يحمل وعدًا بالنجاة.
ووفقا لما كشف عنه المكتب الإعلام الحكومي في قطاع غزة، ألقى جيش الاحتلال أكثر من مئتي ألفِ طن من المتفجرات منذ بدء الحرب، وهو أحدث دمار شامل بنسبة بلغت نحو 90% من مساحة القطاع، حيث بلغ عدد الوحدات السكينة المدمرة بشكل كلي أو جزئي جراء غارات الاحتلال 570 ألف وحدة سكنية.
حتى المناطق الإنسانية المزعومة لم تسلم من قصف الاحتلال، حيث استهدف جيش الاحتلال منطقةَ المواصي الإنسانيةَ الآمنة 136 مرة منذ بدء الحرب، ولا حتى مراكز الإيواء والنزوح القسري، والتي قصفها الاحتلال بنحو 300 مرة خلال العامين الماضيين، كما لم تسلم حتى منشآتُ الرعاية الصحية، حيث شن الاحتلال 788 هجومًا على المستشفيات والمراكز الصحية ومركبات الإسعاف.
وإجمالًا، بلغ مجموع خسائر قطاع غزة الأولية المباشرة لحرب الإبادة الجماعية ما يقرب من 70 مليار دولار، ولكن خلف هذه الأرقام تطرح الأسئلة: كيف استطاعت غزة أن تبقى بالرغم من كل هذا الخراب؟ وكيف تحول الصمود إلى أسطورة تُروى بينما العالم يراقب بصمت؟ وهل يمكن لمدينة أُبيدت حجارتُها أن تعيد بناءَ روحها من رمادها؟