تباينت آراء الخبراء حول مدى انعكاس قرارات المحكمة الجنائية الدولية، الصادرة بشأن مذكرتي اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، على تعزيز الدعاوى القضائية التي تنظرها محاكم دولية وأخرى في القضاء المحلي بدول أوروبية، لمنع تصدير الأسلحة إلى إسرائيل.
وقال خبراء: إن قرار المحكمة الجنائية الدولية سيساهم في تسريع وتيرة الدعاوى القضائية المرفوعة أمام المحاكم، التي تطالب بحظر تصدير السلاح إلى إسرائيل، وسط توقعات بتراجع بعض الدول عن تقديم الدعم العسكري لتل أبيب خشيةً من اعتبارات قانونية وأخلاقية.
وفي المقابل، استبعد آخرون ذلك، موضحين أن تسليح إسرائيل يعتمد على عدة أطراف، منها دول لن تلتزم بقرار “الجنائية الدولية”، فضلاً عن الدور الكبير للولايات المتحدة الأمريكية، التي لن تسمح تحت أي ظرف حتى بتقليل حجم السلاح المقدم إلى إسرائيل.
وإثر قرارات المحكمة الجنائية الدولية الأخيرة، طالبت مؤسسات وجمعيات حقوقية في محاكم منها في أمستردام، بإصدار قرارات تُلزم هولندا بوقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل.
ومن المقرر أن تصدر محكمة هولندية حكمها في 13 ديسمبر المقبل، بشأن قضية تطالب بتغيير السياسة تجاه الحرب على غزة، بما يشمل وقف التعامل العسكري مع إسرائيل، استنادًا إلى قرارات المحكمة الجنائية الدولية.
وتوجد عشرات الدعاوى القضائية المقامة من قبل مؤسسات وجمعيات حقوقية أمام محاكم أوروبية في دول مثل بريطانيا وهولندا وألمانيا، تطالب بمنع حكومات تلك الدول أو الشركات العاملة فيها من تصدير أسلحة إلى إسرائيل، لاستخدامها في ارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.
تقول الباحثة السياسية الدكتورة تمارا حداد إن مذكرات الاعتقال الصادرة عن “الجنائية الدولية” بحق نتنياهو وغالانت ستسهم في تسريع وتيرة الدعاوى القضائية المقامة أمام المحاكم الدولية مثل “محكمة العدل الدولية”، وأيضًا في المحاكم المحلية داخل بعض الدول، التي تطالب بحظر تصدير السلاح لإسرائيل، الذي يُستخدم في قتل المدنيين العُزل في غزة.
وأوضحت حداد،أن قرار “الجنائية الدولية” يفتح المجال لملاحقة شخصيات عسكرية إسرائيلية متهمة بارتكاب جرائم حرب، بالإضافة إلى مقاضاة شخصيات تقدم الدعم العسكري لتل أبيب. كما توقعت أن يسهم القرار في زيادة عزلة إسرائيل سياسيًا ودبلوماسيًا على المستوى الدولي.
وأضافت حداد أن القرار قد يدفع بعض الدول إلى التراجع عن إتمام صفقات سلاح مع إسرائيل، أو تقليل حجم التعاون العسكري، في ظل وجود وثائق وأدلة تثبت استخدام السلاح في جرائم حرب ارتُكبت بأوامر من نتنياهو وغالانت، مثل القتل والتجويع الممنهج للمدنيين، وأعمال عنف غير إنسانية بحق الفلسطينيين.
من جهته، أشار أستاذ القانون الدولي الدكتور مجيد بودن إلى أن قرار المحكمة الجنائية الدولية سيُثير مخاوف لدى الدول المصدرة للأسلحة لإسرائيل، خشيةً من التعرض لاتهامات بالمشاركة في جرائم الحرب بشكل مباشر أو غير مباشر؛ ما قد يؤثر سلبًا على مكانتها الأخلاقية والإنسانية.
وأوضح بودن، أن القرارات القضائية، مثل مذكرتي الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت، قد تُقيّد حرية التنقل للمطلوبين دوليًا، وتترك انعكاسات قانونية وأخلاقية في الدول الداعمة لإسرائيل، التي تشهد إقامة دعاوى قضائية لحظر تصدير الأسلحة إلى تل أبيب.
في المقابل، يرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة محمد الأول في المغرب، الدكتور خالد شيات، أن هناك عوائق كبيرة أمام أي محاولات لمنع تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، حتى مع صدور مذكرات التوقيف.
وأوضح شيات، أن إسرائيل تتلقى السلاح من عدة أطراف، بينها دول لن تلتزم بقرارات “الجنائية الدولية”، كما أن الولايات المتحدة، الداعم الأكبر لإسرائيل، لن تسمح بفرض قيود على الدعم العسكري لتل أبيب، بل قد تستخدم حق النقض (الفيتو) لمنع صدور أي قرارات دولية في هذا الصدد.
وأضاف شيات أن حظر بيع الأسلحة لإسرائيل على المستوى الأممي أمر معقد للغاية، نظرًا للدعم الكبير الذي تتلقاه من الولايات المتحدة، التي لم تُظهر ارتياحها لقرار “الجنائية الدولية”، ولن تكون معنيةً بأي تخفيض للدعم العسكري لإسرائيل.
ـ”إرم نيوز”