السياسي – متابعات
في عصرٍ لا يفارق فيه الهاتف الذكي أيدي الأطفال والمراهقين، بات الوصول إلى مقاطع فيديو صادمة وصور مُروّعة ومعلومات مضللة أمراً في متناول جميع الفئات العمرية. ورغم التحذيرات المتزايدة من تأثير هذا المحتوى على الصحة النفسية للشباب، فإن معظمهم لا يزالون يقضون ساعات طويلة أمام الشاشات.
صحيفة “الغارديان” أجرت حواراً مع سبعة خبراء في الصحة النفسية والإعلام حول أفضل طرق الحديث مع الأبناء بشأن الأخبار الصادمة والعنيفة، وكيفية حمايتهم من المعلومات المضللة، إضافةً إلى السن المناسب لبدء هذه النقاشات.

كيف نبدأ الحديث مع الأطفال حول الأخبار السيئة؟
تؤكد الصحفية أنيا كامينيتس وناشرة نشرة “الساعة الذهبية” على أهمية سؤال الأطفال عمّا يعرفونه مسبقاً، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، مع إشراكهم في البحث عن المعلومات من مصادر موثوقة.
أما الطبيب النفسي يوجين بيريسين والمدير التنفيذي لمركز كلاي للعقول الشابة السليمة في مستشفى ماساتشوستس العام، فيشير إلى أن مخاوف الأطفال الأساسية تتمحور حول الشعور بالأمان ومن يهتم بهم، وعلى الأهل الإصغاء لهذه المخاوف وطمأنتهم.

ماذا لو شاهد الأطفال محتوى صادماً بالصدفة؟
تلفت الأخصائية النفسية توري كورديانو، إلى أن كثيراً من المراهقين يصادفون دون قصد مقاطع فيديو عنيفة، ما قد يسبب لهم صدمة لا يعبّرون عنها خوفاً من اللوم. وتشدد على ضرورة فتح قنوات حوار آمنة، وتوضيح مخاطر البحث عن مثل هذا المحتوى وتأثيره الدائم على الدماغ.
في السياق ذاته، تدعو أستاذة جامعة جونز هوبكنز آشلي روجرز بيرنر، ومؤلفة كتاب “بناء مواطنين أفضل” إلى الصراحة مع الأطفال عند الحديث عن أحداث عنف سياسي، مع التأكيد على أن تلك الوقائع نادرة وأن القانون يحاسب مرتكبيها.

كيف نحصّن أبناءنا ضد المعلومات المضللة؟
توصي الكاتبة هولي كوربي بتعليم الأطفال مهارات التفكير النقدي والتأكد من المعلومات قبل تصديقها، في ظل الانتشار السريع للأخبار المغلوطة عبر منصات التواصل.
وتدعو كورديانو إلى وضع قواعد واضحة لاستخدام الهواتف الذكية، مثل منع الأجهزة في غرف النوم ليلاً، وتقليل التطبيقات في سن مبكرة.

ما الذي يجب تجنّبه؟
تحذر كامينيتس من تشغيل الأخبار بشكل مستمر في المنزل، خصوصاً للأطفال الأصغر سناً، لأنهم يمتصون القلق دون فهم السياق.
كما تشدد تارا كونلي، أستاذة مساعدة في الإعلام والصحافة بجامعة ولاية كينت، على تجنب ادعاء المعرفة الكاملة، لأن الأطفال يدركون ذلك، وعلى الأهل التحلي بالتواضع والإنصات.

كيف نطمئن الأطفال وسط مخاوف حقيقية؟
تقترح كونلي نشاطاً بسيطاً وفعّالاً: كتابة رسائل داعمة للأبناء، تساعدهم على الشعور بالأمان والانتماء. في حين تؤكد كورديانو على أهمية الالتزام بتدريبات السلامة المدرسية والتوجيهات المهنية دون إثارة الذعر.
وماذا عن قلق الأمهات والآباء أنفسهم؟
تنصح كامينيتس بأن يعتني الأهل بصحتهم أولاً، وأن يكونوا نموذجاً لاستهلاك متزن من الأخبار، بعيداً عن التصفح قبل النوم.
وتشجع كونلي على المشاركة في أعمال تطوعية تساعد على تعزيز الشعور بالقدرة والسيطرة.
متى نبدأ هذا الحوار؟
تؤكد جيل مورفي أن الأطفال يتعرضون للأخبار في سن مبكرة، غالباً من المؤثرين عبر الإنترنت، لذا الأفضل بدء النقاشات مبكراً بمعلومات مناسبة لأعمارهم.
أما كامينيتس فضربت مثالاً بجائحة كورونا، قائلة إن الظروف قد تفرض الحديث، لكن توجيه الطفل بشكل صحيح يظل مفتاحاً للحفاظ على صحته النفسية.







