السياسي -وكالات
توصل فريق من العلماء في مستشفى سينسيناتي للأطفال، ومؤسسة «مايو كلينك» وجامعة كاليفورنيا في سان دييغو إلى اكتشاف مهم لأبحاث الأمراض وتطوير الأدوية، حيث تمكن الفريق من تطوير أول دماغ بشري صغير في العالم يشمل الحاجز الدموي الدماغي والذي يعمل بكامل طاقته.
وقال تقرير نشره موقع «إنترستنج إنجينيرنغ» إن الحاجز الدموي الدماغي البشري أو الحائل الدموي الدماغي يُعرف بأنه حاجز بين الدم، وسائل خارج الخلوي (مجموع السوائل المتواجدة خارج الخلايا في أي كائن متعدد الخلايا) الخاص بالدماغ في الجهاز العصبي المركزي.
ويشكل هذا التقدم الكبير وعداً بتسريع فهم وتحسين علاج مجموعة واسعة من اضطرابات الدماغ، بما في ذلك السكتة الدماغية، واضطرابات الأوعية الدموية الدماغية، وسرطان الدماغ، ومرض ألزهايمر، ومرض هنتنغتون، ومرض باركنسون، وحالات التنكس العصبي الأخرى.
ويتضمن الاختراق توليد حاجز دموي دماغي يشبه تماما السمات الرئيسية للحاجز الدموي الدماغي البشري.
ويتمثل الحاجز الدموي الدماغي «BBB» في غشاء انتقائي شبه نفوذ يفصل الدم عن السائل الخلالي في الدماغ. فهو يمكّن الأوعية الدموية الدماغية من تنظيم حركة الجزيئات والأيونات بين مجرى الدم والدماغ.
وتتكون الأوعية الدموية في الدماغ من بطانة إضافية من الخلايا المتراصة بإحكام والتي تحد من حجم الجزيئات التي تمر من مجرى الدم إلى الجهاز العصبي المركزي.
ويحتاج الحاجز الذي يعمل بشكل صحيح إلى الحفاظ على صحة الدماغ عن طريق منع المواد الضارة من دخول الدماغ. وفي الوقت نفسه، يسمح للعناصر الغذائية الأساسية بالوصول إلى الدماغ.
ومع ذلك، فإن الخلل هنا يكمن في أن هذا الحاجز يمكن أن يمنع العديد من الأدوية المفيدة المحتملة من الوصول إلى الدماغ. ولذلك، يهدف هذا الإنجاز الأخير إلى حل هذه المشكلة من خلال الهندسة الحيوية للخلايا الجذعية.
وقال زيوان جو، المؤلف الرئيس وعضو هيئة التدريس في قسم علم الأحياء التنموي في مستشفى سينسيناتي الطبي للأطفال: «الآن، من خلال الهندسة الحيوية للخلايا الجذعية، قمنا بتطوير منصة مبتكرة تعتمد على الخلايا الجذعية البشرية التي تسمح لنا بدراسة الآليات المعقدة التي تحكم وظيفة الحاجز الدموي الدماغي والخلل الوظيفي. إن هذا يوفر فرصا غير مسبوقة لاكتشاف الأدوية والتدخل العلاجي».
وهذه هي المرة الأولى التي ينجح فيها مركز أبحاث في صنع عضية (عضو خلوي مصمم في المختبر) دماغية، تتميز ببطانة حاجزة خاصة موجودة في الأوعية الدموية في الدماغ البشري.
وأطلق الباحثون على هذا النموذج الجديد اسم «BBB assembloids» ويعكس الاسم التقدم الذي جعل هذا الاختراق ممكنا، حيث يشير مصطلح «assembloids» إلى ميزة الجمع بين اثنين أو أكثر من العضيات في نماذج المختبر.
ومن خلال الاختراق الجديد، تم الجمع بين نوعين مختلفين من العضيات وهي عضيات الدماغ (تلك التي تكرر أنسجة المخ البشري) وعضيات الأوعية الدموية (تلك التي تحاكي هياكل الأوعية الدموية).
وبدأت عملية الدمج مع عضيات دماغية يبلغ قطرها من 3 إلى 4 مم، وعضيات أوعية دموية يبلغ قطرها نحو ملليمتر واحد. وعلى مدار شهر تقريبا، اندمجت هذه الهياكل المنفصلة في كرة واحدة يزيد قطرها قليلا عن 4 مم (بحجم حبة السمسم تقريباً).
وتعمل هذه العضيات المتكاملة على إعادة إنشاء العديد من التفاعلات الوعائية العصبية المعقدة التي لوحظت في الدماغ البشري، لكنها ليست نماذج كاملة للدماغ. على سبيل المثال، لا تحتوي الأنسجة على خلايا مناعية ولا توجد أي اتصالات مع بقية الجهاز العصبي في الجسم.
واستخدم العلماء في هذا الإنجاز خطا من الخلايا الجذعية المشتقة من مريض والتي تصنع التجمعات التي تكرر بكفاءة السمات الرئيسية لحالة دماغية نادرة تُعرف باسم التشوه الكهفي الدماغي، وهو اضطراب وراثي يتميز بخلل في سلامة الحاجز الدموي الدماغي، ويؤدي إلى ظهور مجموعات من الأوعية الدموية غير الطبيعية في الدماغ والتي تشبه التوت.
وأشار جو إلى أن نموذجهم يلخص النمط الظاهري للمرض، والذي يقدم رؤى جديدة حول الأمراض الجزيئية والخلوية الكامنة وراء اضطرابات الأوعية الدموية الدماغية.
وأوضح: «بشكل عام، تمثل تجميعات الحاجز الدموي الدماغي تقنية تغير قواعد اللعبة ولها آثار واسعة على علم الأعصاب واكتشاف الأدوية والطب الشخصي».