لام شمسية.. دراما نفسية جريئة تقتحم المحظور وتكشف المسكوت عنه

السياسي -وكالات

منذ عرض حلقاته الأولى في النصف الثاني من رمضان، فجّر مسلسل “لام شمسية” جدلاً واسعاً، بطرحه قضية التحرش بالأطفال في سياق درامي مشحون بالعاطفة والصراعات.

قصة مسلسل “لام شمسية”

تدور الأحداث حول نيللي (أمينة خليل)، معلمة أطفال تعمل في مدرسة دولية، تعيش حياة هادئة مع زوجها طارق (أحمد السعدني)، وابنهما ياسين (5 سنوات)، إلى جانب يوسف (9 سنوات)، ابن طارق من زواجه الأول.

تتغير حياتهم رأساً على عقب عندما تكتشف نيللي أن صديقهم المقرب ومعلم “يوسف”، وسام (محمد شاهين)، زوج صديقتها (يسرا اللوزي)، قد تحرش بيوسف.

في لحظة غضب، يعتدي طارق على وسام بعنف، ما يدفع الأخير للدخول في غيبوبة، وينتهي الأمر بسجن طارق، لكن الأمور تأخذ منحى أكثر تعقيداً عندما يستفيق وسام، ويبدأ في قلب الطاولة، متهماً نيللي بأنها اختلقت القصة بأسرها!

دراما تثير الجدل وصدمة النقاش

منذ الحلقات الأولى، أشعل “لام شمسية” منصات التواصل الاجتماعي بنقاشات حادة حول جرأة الطرح، إذ وجد بعض المشاهدين صعوبة في تقبل القضية ضمن الدراما، بينما رأى آخرون أن تسليط الضوء على مثل هذه القضايا ضرورة مجتمعية.

وفي هذا السياق، صرّح الناقد الفني حاتم جمال لـ”24″ قائلًا: “لا يمكن الحكم على العمل من الحلقات الأولى، لكنه بلا شك يحمل جرأة قد تصدم البعض، فالمخرج كريم الشناوي ترك القصة مفتوحة، مما يدفع المشاهدين للتساؤل خلال الحلقات المقبلة: هل ارتكب وسام الجريمة فعلًا أم أن نيللي تعاني من تهيؤات؟”

وأضاف أن المسلسل يحقق الهدف الأهم للدراما، وهو تسليط الضوء على القضايا الحساسة لتحفيز النقاش المجتمعي، معتبراً أن الطرح كان موفقاً للغاية.

أما عن الجدل الدائر عبر منصات التواصل الاجتماعي، صرّح حاتم جمال أن هذا الأمر طبيعي، لأن المسلسل يطرح قضية جدلية وجريئة، بالتالي فإن النقاش حول العمل يبقى مطروحاً وبديهياً.

وعلى صعيد الأداء، أثنى الناقد الفني على أداء أحمد السعدني، معتبراً أنه تجاوز مرحلة “النجومية” التقليدية، فيما قدمت أمينة خليل أداءً لافتاً جعل المسلسل محطة فارقة في مشوارها الفني.

الفن بين الواقع والمجتمع

أثار العمل نقاشاً أوسع حول دور الدراما في مناقشة القضايا المجتمعية، وهل يجب على الأعمال الفنية تسليط الضوء على القضايا المسكوت عنها، أم تجنبها حفاظاً على راحة الجمهور؟

وفي هذا الإطار، أوضحت الدكتورة ميادة لطفي، الباحثة في علم الاجتماع، لـ”24″ أن العلاقة بين الفن والمجتمع تبادلية، قائلة: “الدراما لا تعكس الواقع فحسب، بل تؤثر فيه أيضاً، القضايا الشائكة، مثل التحرش بالأطفال، يجب أن تُطرح بعناية ومسؤولية، لضمان توعية المجتمع دون إثارة الفزع أو تقديم صورة مشوهة”.

وأضافت أنه عند تناول أزمات نفسية أو اجتماعية، يجب أن يكون هناك رؤية واضحة، حتى لا يترك العمل تأثيراً سلبياً على الجمهور، بل يساعد في تعزيز الوعي المجتمعي.

حماية الأطفال على الشاشة

نظراً لحساسية الموضوع، جرت نقاشات موسّعة بين الجماهير عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما حول مدى التأثير النفسي على الطفل الذي يجسد دور “يوسف” خلال العمل، ما دفع صُنّاع المسلسل للتأكيد على أنهم اتخذوا إجراءات صارمة لحماية الأطفال المشاركين في العمل نفسياً.

كما أشار المخرج كريم الشناوي إلى أن فريق الإنتاج استعان بسارة عزيز، مديرة ومؤسسة منظمة Safe Egypt وعضو مجلس إدارة المجلس القومي للأمومة والطفولة، لضمان تأهيل الطفل الذي قدم دور “يوسف” نفسياً قبل تصوير المشاهد الحساسة.

وعن أهمية هذه الإجراءات، علّقت الدكتورة ميادة لطفي قائلة: “عند التعامل مع قضايا حساسة في الدراما، من الضروري الالتزام بمعايير دقيقة، لضمان ألا تتحول المشاهد إلى عامل ضغط نفسي على الأطفال المشاركين أو المشاهدين الصغار”.

كيف نحمي أطفالنا من التحرش؟

بصرف النظر عن الجدل الدرامي، يفتح “لام شمسية” نقاشاً مهماً حول دور الآباء في حماية أطفالهم من التحرش، وهو ما تؤكد عليه ميادة لطفي، مشيرة إلى أهمية التواصل الفعّال مع الأطفال وتعليمهم كيفية التحدث عن أي موقف غير مريح يتعرضون له.

وأوضحت أن هناك علامات قد تشير إلى تعرض الطفل للتحرش، منها فقدان الثقة بالنفس، اضطرابات النوم والكوابيس المتكررة، التبول اللاإرادي المفاجئ، السلوك العدواني أو الانطوائي المفرط، تغيرات في الشهية سواء بفقدانها أو الإفراط في تناول الطعام، وشكاوى جسدية متكررة دون سبب طبي واضح.

كما شددت على أن تجاهل هذه العلامات قد يؤدي إلى اضطرابات نفسية خطيرة مثل الاكتئاب واضطرابات الشخصية، لذلك يُنصح باللجوء إلى مختصين نفسيين لضمان تعافي الطفل بشكل صحي وسليم.