لا أزمة بين الكويت والعراق إطلاقاً!

سامي النصف

بعكس ما يُقال لا توجد أزمة بتاتاً بين البلدين الشقيقين ما لم نسعَ لخلق أزمة من عدم، لو تابعنا تاريخ أوروبا لوجدنا أن القضايا الحدودية بين ألمانيا وفرنسا على سبيل المثال وبقية دولها قد تسببت في حروب لهم وللعالم ذهب ضحيتها مئات ملايين البشر ودمار كامل لمدنهم ومصانعهم ومزارعهم وهجرة لعشرات الملايين، هذا عندما كان الخلاف على أشده بينهم والذي خلق علاقة خسارة – خسارة للجميع، عندما تحولوا للسلام وعلاقة الربح – الربح وقيام مظلة الاتحاد الأوروبي التي تظللهم جميعاً، أصبحت الآن تقود سيارتك بين دولهم دون أن تعرف أين انتهت حدود دولة وأين بدأت حدود دولة أخرى.

***

قضية خور عبدالله أسهل ألف مرة من قضايا الحدود الأوروبية فهي بحر مقتسم بحكم القرارات الدولية بين الجارين الشقيقين الكويت والعراق، إذا أرادت سفينة أن تتجه للموانئ العراقية أو تخرج منها واستخدمت المياه العميقة التي في جزئها الأول عراقية وجزئها الثاني كويتية فلن توجد مشكلة قط حيث لا يوجد جدار يفصل بين المياه العراقية والكويتية بل إن اتفاقية تنظيم المرور التي تنظم العمل في الخور قد ألغت مشكورة الحاجة لرفع علم الكويت أو العراق بناء على طلب الجانب العراقي ولا يحتاج الأمر إلا لتواصل لاسلكي بين خفر سواحل الجانبين فقط للتأكد من عدم استخدام تلك المياه من قبل المهربين والإرهابيين.

****

آخر محطة:
1) ما يخلق مشكلة هو قضية الشعبوية المدمرة لحقيقة أن للعراق حدوداً مع 6 دول، وبالداخل مكونات سياسية وعرقية ودينية مختلفة، فإذا قررت الحكومة العراقية ذات القيادة الوطنية الرشيدة، كما هو الحال القائم أن تعقد اتفاقية بها مصلحة العراق وشعبه مع الدول الست لتصفير مشاكل العراق مع الآخرين لاستبدالها بالتعاون المربح للجميع، فسيقوم مكون أو توجهات سياسية ما بإثارة القلاقل وتوجيه التهم ضد تلك الاتفاقية، ومن ثم الإساءة لمصلحة العراق. لذا اتركوا الحكومتين الكويتية والعراقية تعملان كي يكسب الجميع.

2) أجريت لقاء مع د. حميد عبدالله سيعرض قريباً كان مما ذكرته أننا في الكويت لا نقبل باتهام الساسة العراقيين الذين يقفون ضدنا وبالتبعية ضد مصلحة العراق بأنهم مرتشون دون بينة أو اثبات بل نعتبره خلافاً في وجهات النظر، بالمقابل نطلب كذلك شرف الخصومة وألا يتهم ساسة عراقيون أفاضل بذممهم فقط لأنهم اتخذوا مواقف عاقلة وحكيمة تفيد العراق قبل الكويت لصالح شعبويين دون قضية ممن لا يمانعون بالإضرار بالجميع للمصالح الشخصية.

* نقلا عن “النهار”