کثيرون من السياسيين وقادة الفكر فى بلاد العرب، مسيحيين كانوا أو مسلمين، ظنوا أن «حزب الله» اللبنانى الشيعى هو حصن الأمان للبنان من الشر الصهيونى، وعندما كنا نقول لهم إن «حزب الله» لا يتعدى أن يكون ميليشيا كبيرة تأتمر بأمر إیران ولم تجلب على لبنان، على مدار السنين، إلا الضرب والخراب وإعاقة الحياة السياسية اللبنانية، مثل- أخيرا- إعاقة انتخاب رئيس جمهورية، كانوا يقولوا لنا نعم، لكن هو حصن الأمان ضد إسرائيل.
رغم أن إسرائيل احتلت لبنان قبل ذلك فى الثمانينيات من القرن الماضى وشردت المقاومة الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات إلى تونس وبلاد أخرى، ورغم أن إسرائيل اعتدت على لبنان عدة مرات برا وبحرا وجوا واستخباراتيا إلا أنهم كانوا يجيبون بأن «حزب الله» يدافع عن لبنان فجيش لبنان ضعيف وميليشيا الحزب تقوم مقامه.
إلى أن ذهبت الأيام وجاءت، وثبت أن حزب الله، رغم الأسلحة المتنوعة الكثيرة، يفتقد إلى أبسط قواعد الحرب من حيث الدقة الاستخباراتية ودقة المعلومات وأبسط قواعد القيادة العسكرية الحربية حتى إنه، عدة مرات، استطاعت إسرائيل أن تغتال قادتهم المجتمعين بعد أن حصلت على معلومات دقيقة عن تواجدهم معا ولم يقوموا هم بأى مناورة تضليل للعدو كما تفرض القواعد العسكرية للجيوش النظامية المحترفة، فقد اتكل حزب الله على حنجرة قادتها وأسيادها فى إيران الذين لهم حساباتهم الخاصة مع الولايات المتحدة والعالم الغربى، والتى تتعارض مع حسابات «حزب الله».
وها هى إسرائيل تدمر وتخرب وتقتل كل يوم وليلة فى لبنان الذى لا حول له ولا قوة، متكلا على الأصدقاء والأحباء فى إغاثته وإسعافه والدفاع دبلوماسيا عنه.
المؤكد أن اختفاء حسن نصر الله أحدث هزة لحزب الله قصرت أم طالت فقد كان أمينه العام من ١٩٩٢ أى بعد عشر سنوات فقط من ظهور الحزب واستمر فى هذا المنصب إلى أن تم اغتياله فى غارة جوية مباغتة فى ٢٧ سبتمبر الماضى، وكان له دور مؤثر فى وضع سياسات الحزب وتوجهاته وتقوية تسليحه وربطه بالسياسية الإيرانية، حتى أصبحت للحزب شعبية فى الأوساط اللبنانية والعربية والإسلامية، ظنا من الجميع أن حزب الله هو القادر على صد الكيان الصهيونى وقد ثبت خطأ هذا الاعتقاد عند الاختبار.
لذا نقترح على قادة «حزب الله» أن يقوم الحزب بمراجعة الحسابات بعد أن أخذ لبنان وشعبه رهينة مدة عشرين عاما وحل جناحه العسكرية، وتسليم سلامه للجيش الوطنى اللبنانى، وأن يغير اتجاه بوصلته فيتصالح مع الداخل اللبنانى وعدم تعطيل مؤسساته، ويكون صوتا لبنانيا خالصا يعمل بالشراكة مع بقية القوى السياسية الأخرى وليس ندا لها، وليعمل الجميع يدا بيد لصالح سيادة لبنان واستقراره وازدهاره.
نقلا عن المصري اليوم