السياسي – فوجئ المؤمنون في كنيسة مار مارون في مزرعة يشوع في قضاء المتن بدخول كاهن الرعية وليد الملاح في عيد الميلاد وهو يحمل رشاشاً حربياً في كتفه فوق ثيابه الكهنوتية لإيصال رسالة في عظته بضرورة التخلي عن السلاح، حيث رمى الرشاش على الأرض في ختام العظة وقال: “إذا نحن مسيحيون ليس لنا أعداء وسلاحنا هو الصليب. نحن لا نربح بالحرب والمكاسب، نحن نربح بالحب والغفران. كونوا مسيحيين وقفوا على سلاحكم مثلما وقف يسوع على سلاحه”.
إلا أن هذا المشهد أثار الجدل والبلبلة على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط تكهنات عديدة ما دفع بأوساط الكنيسة إلى إصدار بيانات توضيحية وتوجيه إنذار من قبل أبرشية انطلياس المارونية إلى الكاهن.
وجاء في بيان لدائرة الإعلام في الأبرشية ما يلي: “أولًا، إن الأبرشية لا توافق على الطريقة التي اعتمدها الكاهن وقد وجهت إليه انذاراً خطيّاً لعدم تكرار هذه الأمور. مع العلم أنها توافق على مضمون العظة كونه مطابقاً لتعليم الكنيسة وتوجيهاتها الروحية والرعوية.
ثانياً، ما قام به الكاهن لا يتعدّى كونه جزءاً من مشهدية إستعملها في عظته التي ركّز فيها على أن سلاح المؤمن هو الصليب. وقد رمى الكاهن المذكور السلاح أمام المؤمنين داعياً إياهم لرمي كل الأسلحة التي تدمّر الآخر والتمسك بالسلاح الوحيد الذي هو الصليب سلاح المحبة والغفران.
ثالثاً وأخيراً، تتمنى الأبرشية أن لا تُحمَّل هذه المسألة أبعاداً طائفية وأن لا تُستغل من قبل البعض لإثارة النعرات والأحقاد الطائفية، خصوصاً في ظل ما نعيشه من أجواء متشنجة وظروف إستثنائية يمرّ بها وطننا الحبيب لبنان”.
كذلك، أوضح رئيس المركز الكاثوليكي للإعلام المونسنيور عبده أبوكسم أن “ما يتم التداول به على شبكات التواصل الاجتماعي من مقاطع فيديو لكاهن في رعية مزرعة يشوع يحمل سلاحاً حربياً أثناء احتفاله بالذبيحة الالهية ليلة عيد الميلاد، هو أمر غير مقبول، بالرغم من أن قصد الكاهن كان ليعبّر أن هذا السلاح هو مبعث للحروب ولا يخدم السلام، إنما السلاح الحقيقي للكنيسة هو سلاح الصلاة”. وأضاف: “بعد الاتصال براعي الابرشية سيادة المطران أنطوان بو نجم أكد انه لا يؤيد إطلاقاً هذا الأسلوب الغريب عن وجه الكنيسة، وقد أعطى توجيهاته الصارمة لعدم تكرار مثل هذه الأعمال داخل الكنيسة”.
وكان ناشطون على مواقع التواصل انتقدوا مشهدية الكاهن، وقال نبيل يوسف “هيدا إستعراض ما إلو طعمة ومسرحية. حتى بعز حرب السنتين ما في خوري ولا راهب عمل هالشغلة”.
وكتب لوسيان عون “في زمن تسليم الأسلحة من شمال سوريا إلى أقصى الجنوب اللبناني جاءت مبادرة كاهن رعية مزرعة يشوع، وقد كان بإمكانه التعبير عن فكرته بشتى الوسائل دون ادخال السلاح وحمله على مذبح الرب، بل بوعظ المؤمنين ورفع صور مقارنة بين الصليب والسلاح، أو تنظيم ندوات ومحاضرات بهذا الشأن، فلا يستفز مشهد مقزز أرعب اللبنانيين منذ خمسين عاماً وكان سبباً في تهجير أبنائهم وقتل ذويهم وخطفهم واعتقالهم وذبحهم، فلا إدخال الاسلحة إلى بيت الرب يجدي، ولا مظهر الدماء يقنع، بل عمل واحد هو الدعوة للصلاة والتأمل والإرشاد والتبشير والمحبة والغفران والإقناع كوسائل نشأ عليها الدين المسيحي منذ يوم قيامة المسيح. عسى أن تتخذ الكنيسة إجراءات التنبيه والتحذير من تلك الأفكار الغريبة عن تقاليدنا اللاهوتية والليتورجية والكنسية وتضاف إلى الموانع ضوابط يلتزم بها رجال الاكليروس تفادياً لأخطاء مماثلة”.
في المقابل، رأت فيرا بو منصف “أن أبونا وليد الملاح، بتقول عنو رعيتو بمزرعة يشوع أنه من أفضل الكهنة وكتير محبوب برعيتو، أبونا ملاح دخل الكنيسة للاحتفال بالذبيحة الإلهية وعلى كتفه معلق كلاشين، انصدموا الناس بالكنيسة، تركن يوقعوا تحت تأثير الصدمة وكمّل القداس عادي وكأن ما في شي، وقت الوعظة بيشيل السلاح وبيحطو عالارض وبيقول إنه عمر صليبنا 2025 سنة من عمر المسيح، ولا يوم كان أداة للقتل إنما هو سلاحنا الوحيد لمواجهة الصعاب والمقاومة، بينما السلاح المتفلت هو آلة قتل للانسانية عندما يُساء استعماله ويكون من خارج السلاح الشرعي بيد الجيش اللبناني”. وأضافت “تعرض الكاهن لحملة انتقادات واسعة ولكن انا شفتها فكرة ثورية، مش المسيح هو أول ثائر بهالدني ضد الظلم والكنيسة هي أم الثورة؟ قد تكون الفكرة صادمة بعض الشيء اكيد، لكن الأبونا وصّل فكرتو عن مساوىء التسلح غير الشرعي وقديش خطير يكون السلاح خارج السلطة الشرعية كما يجب. لا تنتقدوه، كل فكرة بتخدم هالهدف النبيل لازم نعممها فكيف بقلب الكنيسة أم الثورات؟”.