السياسي – لا يمكن الفصل بين المعركة على طهران والمعركة على تل أبيب. هاتان معركتان لنفس الحرب. المعركة على طهران نصر تاريخي، لكن الحرب على تل أبيب الكبرى وحيفا بلا اسم. انتصرنا في ظهران، وهزمنا في تل أبيب الكبرى. لم تكن معركة نفاخر بها؛ فالركض إلى الملاجئ كالفئران ونحن في حالة ذعر، ليس سبباً للتفاخر. لذلك، يتجاهلونها. القتلى يمرون في قسم “القصص المحزنة” في التلفزيون. وفي الاستوديوهات لا يسألون من المسؤول عن موتهم.
القتلى يخربون “النصر التاريخي”. نعم، التاريخي. متى كانت آخر مرة طلب فيها حاكم فاسد في دولة ما تغيير حكم فاسد في دولة أخرى؟ هل توقع قبل النصر التاريخي رقم القتلى وحجم الدمار وقرروا أنه على ما يرام، وأن هذا العدد أو ذاك من المواطنين سيدفعون الثمن بحياتهم وبممتلكاتهم لصالح النصر التاريخي؟ ربما استنتجوا أن 28 قتيلاً ومئات المباني المدمرة ثمن معقول؛ ثمن تصفية، ثمن لقطة. فكرنا بثلاثة آلاف وحصلنا على 28. نعم، كان الأمر يستحق.
-في الحرب مع إيران لم يسقط أي جندي، فقط مدنيون.
اليوم، المدنيون هم المقاتلون. في الحروب الحالية لا يحتلون مناطق، بل يقتلون المدنيين، أكثر من 50 ألف شخص في غزة معظمهم من المدنيين. حوالي 2000 شخص في الغلاف معظمهم من المدنيين. المدنيون هم الجنود الأسوأ: غير منضبطين، بطيئون ويحتجون. كثير جداً من النساء وكبار السن والأطفال في الطريق إلى الملجأ يُقتلون. 28 جندياً بملابس مدنية قتلوا. لا تقام لهم جنازات عسكرية. ومحللون عسكريون لا يسألون. أهذا أمر على ما يرام؟ أكان يجب أن يحدث هذا؟
-يحدث هذا في الوقت الذي فيه الدولة غير قادرة على حمايتنا.
لقد فعلت كل ما في استطاعتها: تأخير تطوير السلاح النووي في إيران لبضع سنوات، وتحسين وسائل الاعتراض، وطلب الدخول إلى الغرف الآمنة، والانبطاح على الشارع وتغطية الرأي بالأيدي. هي لم تفعل أكثر من ذلك؛ لأنها لا تعرف كيف تفعل أكثر. لم تستثمر في الحماية؛ لأن ذلك غال جداً. تستثمر في خلق أجواء آمنة وليس في الأمن نفسه. الدولة لا يمكنها توفير الحماية الشاملة حتى مع 90 في المئة من النجاح في الاعتراضات. الإصابة المباشرة لا تضر هدفاً واحداً فقط. في “بات يم” إصابة واحدة كهذه دمرت 78 مبنى وتركت الآلاف بدون مأوى. والملجأ غير محصن من الإصابة المباشرة. لا يمكن إغلاق السماء والبلاد بشكل كامل. ثمة صواريخ أسرع ومسيرات أكثر دقة.
-هم لا يقولون لنا ذلك، بل يطلبون منا الامتثال للتعليمات.
التواجد في الغرفة الآمنة لم يحم الـقتلى 8 من بين الـ 28 قتيلاً. شعارات صبيانية (“شعب كالأسد”) تم إطلاقها في الهواء لشراء الصمت بالتملق، لحرف الانتباه عن عدم قدرة الدولة على حماية مواطنيها. طلب منا تحمل المسؤولية عن مصيرنا. تغيرت صورة بيت أحلامنا. بيت أحلامنا ليس سوى شقة تتكون من غرفة آمنة كبيرة مع جدران سميكة. تحت الأرض.
كيف نرد على عجز الدولة؟ باللامبالاة والتسليم. التسليم هو الأسوأ. هذا تسليم بالنظرية التي تقول إن الملجأ الجيد أفضل من السياسة الجيدة. بدلاً من المطالبة بتغيير السياسة التي تقودنا إلى الملاجئ، نطالب بملاجئ أكثر وجدران سميكة جداً وليزر ناجع. سلمنا مع النبأ القائل إن لأحفادنا حقيبة صغيرة فيها جوازات السفر قرب الباب.
سلمنا بالحرب، في إيران بعد سنتين (ليبرمان وعد بذلك)، كما سلمنا بـ “حماس مرتدعة” و”إيران تريد القضاء علينا”. لا نطلب تفسيرات. لا نسأل. يكممون الأفواه بـ “الأمن”، الذي لم يستهدف حل المشكلات، بل إبعادنا عن طرح الأسئلة الصعبة.
هناك من سيهددنا دائماً، ويجب ألا نسأل أنفسنا في أي دولة نريد تربية أولادنا، في إسرائيل سموتريتش أم في إسرائيل يئير غولان؟ الحروب تنقذنا من هذه الأسئلة. لا يوجد انقلاب قانوني، ولا تجنيد للحريديم. إذا وصلنا إلى هذه الأسئلة، نتدهور إلى حرب أهلية. لذلك، يفضل أن تكون لنا دائماً إيران لأنها تمنع النقاشات العنيفة، حتى بثمن النزول إلى الملاجئ.
يوسي كلاين
هآرتس 3/7/2025