لعبة البوكر الكاذبة بين تل أبيب وطهران

السياسي – تساؤلات عديدة وإجابات مختلفة تحيط بواقعة توجيه إسرائيل ضربة «ردا على الرد» بطائرات مسيرة استهدف مدينة أصفهان الإيرانية، فجر أمس الجمعة، لتلحق بها أضرارا طفيفة.. وبينما لم تتهم إيران إسرائيل بالوقف وراء الهجوم، فإن إسرائيل لم تتبن الضربة التي اعتبرت بمثابة رد على الهجوم الإيراني على الدولة العبرية.

ومع الصمت الإسرائيلي ـ ولأول مرة في تاريخ الكيان لا يبادر بالتفاخر وتبنيه هجوما انتقاميا ـ فإن التلفزيون الرسمي الإيراني، أشار أمس الجمعة، إلى أن «متسللين» أرسلوا طائرات مسيرة صغيرة من داخل البلاد أسقطتها الدفاعات الجوية في أصفهان أطلقها «متسللون من داخل إيران».. وفي نفس الوقت ألقى الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، كلمة صباح الجمعة، لم يتطرق فيها إلى الانفجارات التي سمع دويها في وسط البلاد ولم تربطها السلطات بالتوتر مع إسرائيل!!

اللافت أن  مسؤول إيراني كبير قال لوكالة «رويترز»: «لم نتأكد من المصدر الخارجي المسؤول عن الواقعة.. لم نتعرض لأي هجوم خارجي.. والنقاش يميل أكثر نحو تسلل وليس هجوم».

وبات واضحا ـ كما ترى صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية ـ  ان كلا من إيران وإسرائيل قللتا من آثار الهجوم الإسرائيلي على أصفهان، في ظل دعوات دولية لوقف التصعيد من جميع الأطراف.

وقالت الصحيفة الفرنسية: «رسمياً، لم تتحدث إسرائيل عن رد لها على الهجوم الإيراني الضخم الذي وقع نهاية الأسبوع الماضي على أراضيها، ولم تتبن الهجوم على اصفهان.. وكما هو الحال في «لعبة البوكر الكاذبة» ذات القواعد المشتركة، فإن الطرفين المتحاربين لا يعترفان بالهجوم ويقللان من آثاره».

المواجهة  المباشرة مفتوحة لكل المخاطر

وتشير صحيفة «ليبراسيون» إلى أن الرد الإسرائيلي المتحفظ والمدروس على الهجوم الإيراني في نهاية الأسبوع الماضي، ونفي إيران تعرضها للهجوم، يسمح لكلا الخصمين بحفظ ماء الوجه من خلال الحد من مخاطر المواجهة الخطيرة، لكن الحقيقة أن حرب الظل التي انخرطت فيها الدولتان في السابق في مناطق طرف الثالث أو من خلال أذرعهما، أصبحت الآن المواجهة مباشرة ومفتوحة لكل المخاطر.

تجنب التصعيد العسكري.

وفي نفس السياق، ذكرت صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية، أن الجيش الإسرائيلي والجهاز السياسي لم يعلنا مسؤوليتهما عن الهجوم الانتقامي على قاعدة جوية إيرانية صباح الجمعة.. ورفضت الحكومة الإسرائيلية تأكيد الهجوم على قاعدة جوية إيرانية ردا على الهجوم الإيراني بالصواريخ والطائرات المسيرة، في محاولة منها لتجنب التصعيد العسكري.

إسرائيل تستمر في حرب الظل ضد إيران

وتابعت صحيفة «لوفيغارو»، إن إسرائيل تمارس سياسة التهدئة وتستمر في حرب الظل ضد إيران.. وأن الوزراء وكبار الضباط الإسرائيليين التزموا بالتعليمات التي أصدرها بنيامين نتنياهو، باحترام الصمت في صفوف العسكريين. ووفقا لإذاعة الجيش الإسرائيلي، يبدو أن هذا التكتيك نجح، على الأقل في البداية. وقالت الإذاعة إن «القادة الإيرانيين بذلوا قصارى جهدهم لإعطاء الانطباع بأنه لم يحدث شيء عملياً، وأنه كان هجوماً بسيطاً».

وتعتبر الصحيفة الفرنسية أن الشيء الوحيد والمؤكد هو أن إسرائيل بذلت جهودا مكثفة لاستيعاب الحساسيات الإيرانية، ولم يعلن أي وزير أو متحدث عسكري عن النصر.

وجاءت الضربة الإسرائيلية على إيران محدودة ومصممة بعناية على ما يبدو للحد من مخاطر اندلاع حرب كبرى.

وكانت حكومة الحرب الإسرائيلية التي يتزعمها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، قد وافقت في البداية على خطط توجيه ضربة داخل الأراضي الإيرانية ليل الإثنين الماضي برد قوي على الصواريخ والطائرات المسيرة التي أطلقتها طهران، لكنها تراجعت في اللحظات الأخيرة.. وذكرت المصادر أنه تقرر إرجاء خطط الرد منذ ذلك الحين مرتين في ظل الانقسامات داخل الحكومة والتحذيرات القوية من الشركاء ومنهم الولايات المتحدة، بعدم التصعيد، إلى جانب الحاجة إلى أن يكون الرأي العام العالمي بجانب إسرائيل.

إيقاف «دورة الردود الانتقامية» بين إيران وإسرائيل

واعتبرت صحيفة «جيروزاليم بوست» العبرية،  أن التعليق المحدود لإيران على الهجوم الإسرائيلي، يشير إلى أن طهران لا تخطط للانتقام، وهو رد بدا أنه يهدف إلى تجنب حرب على مستوى المنطقة.

وذكرت الصحيفة أن تقليل وسائل إعلام ومسؤولون إيرانيون من حجم الهجوم كان واضحا عندما أشاروا إلى أنه هجوم من قبل «متسللين»، وليس من قبل إسرائيل، مما يتجنب الحاجة إلى الانتقام، وهو ما بين رغبتهم في إيقاف «دورة الردود الإنتقامية» بين إيران وإسرائيل.

شاهد أيضاً