لقرار ترامب …إعتماد وزارة الحرب بديلا عن الدفاع … معان ودلالات ؟

د فوزي علي السمهوري

قرار الرئيس الأمريكي ترامب بتغيير تسمية وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب في مرحلة تتصاعد به قوة ومكانة القطب العالمي الجديد قيد التكوين الآخذ بالإنتشار يقابله تراجع قوة ونفوذ امريكا على الساحة العالمية وما تمر به من عزلة سياسية عالمية تدلل عليها حجم التصويت المحدود بالجمعية العامة للأمم المتحدة الذي تحظى به السياسة الأمريكية وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وإنحيازها الأعمى للكيان الإستعماري الإحلالي الإسرائيلي ودعم جرائم حرب الإبادة والتطهير العرقي التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني وتمكينه الإفلات من المساءلة والعقاب بإنتهاك صارخ لميثاق الأمم المتحدة وللقانون الدولي وللقرارات الدولية ولإتفاقيات جنيف وخاصة الرابعة التي تحظر إستهداف المدنيين والأعيان المدنية وإجراء اي تغييرات جغرافية او ديموغرافية او تشريعية .
توقيت تغيير التسمية إلى وزارة الحرب :
يأتي قرار الرئيس ترامب باعتماد وزارة الحرب بديلا عن وزارة الدفاع في ظل :
▪︎ الغرور الذي ينتاب الرئيس ترامب وشعوره بالقدرة على إخضاع العالم للهيمنة الأمريكية إستباقا لنشوء النظام العالمي متعدد الاقطاب .
▪︎ بعد فشله في وقف الحرب الروسية الاوكرانية .
▪︎ فشله في إدماج ” إسرائيل ” بالعالم العربي والإسلامي بالشروط الأمريكية الهادفة لتمكين الكيان الإسرائيلي الإرهابي من قيادة الوطن العربي الكبير دون اي إعتبار لحق الشعب الفلسطيني بالحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وللامن الإقليمي والقومي العربي .
▪︎ تراجع شعبيته في إستطلاعات الراي الأمريكية .
▪︎ رسالة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بدورتها الثمانين وللمؤتمر الدولي المزمع عقده في ٢٢ أيلول الذي ينعقد على هامش إجتماعات الجمعية العامة إنتصارا لحق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة تنفيذا لحل الدولتين بهدف إجهاض مقررات الجمعية العامة والمؤتمر حماية للكيان الإستعماري الإسرائيلي العنصري الملاحق امام المحاكم دوليا ومن اجل إرسال رسالة بإستحالة اي حل دون رضى وكفالة المصالح الامريكية
اهداف ترامب :
تضمن حيثيات قرار تغيير تسمية وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب النقاط التالية :
اولا : ان تغيير التسمية يبعث رسالة نصر إلى العالم .
ثانيا : ان إسم وزارة الحرب اكثر ملائمة في ضوء وضع العالم راهنا .
ثالثا : ان التغيير لا يقتصر على التسمية بل يتعلق بإستعادة روحية المحارب .
رابعا : ان إسم الدفاع دفاعي اكثر من اللازم ونحن نريد ان نكون هجوميين أيضا .
خامسا : ان الهدف فرض السلام من خلال القوة وضمان إحترام العالم للولايات المتحدة مرة اخرى .
معان القرار :
بناءا على ما تقدم فالقرار يحمل معان ودلالات منها :
اولا : ان القرار يعكس السياسة الأمريكية للمرحلة القادمة وعنوانها من يفكر بالتحرر من مظلة الهيمنة الأمريكية مآله التدمير .
ثانيا : لا مكان للأساليب الدفاعية في ظل النظام العالمي الجديد وفشل امريكا الحفاظ على دورها بقيادة العالم نتيجة لإنقلابها على أهداف الأمم المتحدة ومبادئها وعلى قيم العدالة والمساواة وحقوق الإنسان وبالتالي التبرير باللجوء للمبادرة بإستخدام القوة الهجومية باشكالها .
ثالثا : الخروج عن ترسيخ الأمن والسلم الدوليين عبر إعمال قوة الحق وإستبداله بحق القوة لفرض السلام اي إستسلام العالم بغالبية دوله للنفوذ والهيمنة الأمريكية .
رابعا : الإعتراف بفقدان العالم إحترامه للولايات المتحدة الأمريكية العائد لحرصها على فرض نفوذها ومصالحها عبر الابتزاز والتهديد وبالتالي إعادة ما اطلق عليه الرئيس ترامب ضمان إحترام العالم للولايات المتحدة مرة اخرى عبر إنتهاج سياسة الإخضاع .
خامسا : ان العالم مقبل على سلسلة من الحروب والنزاعات وعدم الإستقرار في المناطق والساحات التي تعتبرها امريكا مصلحة امن قومي امريكي لضمان مصالحها ونفوذها لعقود قادمة ولإستنزاف قوى القطب ” الروسي الصيني ” او الاقطاب العالمية الناشئة ” الاوربي ” .
اين الوطن العربي :
عند كل محطة يبرز تساؤل اين الوطن العربي باقطاره ولماذا هذا الغياب عن الفعل المضاد الذي يكفل امنه وإستقراره ودوره كقطب مستقل ؟ وإلى متى يقبل بدور التابع المتلقي ؟ وإلى متى تبقى عناصر قوته ووحدة موقفه مهدورة وموارده وثرواته إضافة لموقعه الجيوسياسي الإستراتيجي مجيرة للقوى الخارجية وخاصة لأمريكا التي تتعامل معها بإستخفاف ؟
المستهدف الأول من نتائج وتداعيات وإنعكاسات السياسة الأمريكية بعد قرار إطلاق إسم وزارة الحرب الامريكية وحدة وإستقرار وأمن وثروات اقطار الوطن العربي الكبير مما يستدعي عدم الإستهانة بقرار ترامب او إعتباره شكليا خاصة إذا ما أقره الكونغرس كما هو متوقع .
المطلوب عربيا التوافق على التعامل مع امريكا جمعيا بلغة المصالح وليس من منطلق حسن النوايا والثقة المفقودة بأمريكا التي تضع إسرائيل فوق القانون الدولي وفوق اي إعتبار وما الصمت الامريكي على تصريح مجرم الحرب نتنياهو بان مهمته الروحانية والتاريخية إقامة ” إسرائيل الكبرى ” بما تعنيه من إحتلال كامل أو جزئي لدول عربية وها نحن نشهد بداية تنفيذه في سوريا ولبنان مع ما نشهده من جرائم إبادة وتطهير عرقي وجرائم حرب وضد الإنسانية بقطاع غزة والضفة الغربية في مخطط لتهجير الشعب الفلسطيني خارج وطنه لمنع إقامة دولة فلسطينية مستقلة وحرمان اللاجئين الفلسطينيين من العودة لمدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوةعام ١٩٤٨ ولتجسيد دولة اليهود اليهودية كما يسميها رمز الإرهاب نتنياهو ومعسكره …
إجهاض المخطط الإسروامريكي بفلسطين يبدأ بإلزام امريكا واداتها الكيان الإسرائيلي وقف حرب الإبادة والتطهير العرقي والإنسحاب الكامل من قطاع غزة وعموم أراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا وعاصمتها القدس…. الأمن الإقليمي والقومي العربي يبدأ من تجسيد حرية فلسطين وشعبها واقعا … فلا تتخلوا عنها بل إدعموا صمود الشعب الفلسطيني بوطنه ودعم نضاله حتى الحرية والإستقلال وإقامة دولته المستقلة…؟
الموقف العربي الموحد بمواجهة التحديات والمؤامرات رسالة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وللكيان الإستعماري الإسرائيلي….وإلا فإن الجميع بخطر حقيقي …
فهل سنراه…..؟ !