لماذا تجاهلت الرئاسة السورية تهديدات المرجعية الدرزية

السياسي – وثّقت مصادر سياسية في دمشق تلقي الرئاسة السورية الانتقالية نصائح سياسية تدعو لتبريد مرحلي في الملف الدرزي بمحافظة السويداء، وتجاهل التصعيد الذي كان حرّكه المرجع الروحي للطائفة حكمت الهجري، بإعلان رفضه للدستور الانتقالي ووصفه بأنه إعلان دكتاتوري في مضمونه.

وبحسب المصادر  فإن جهتين خارجيتين، على الأقل، معروفتين بالدعم المؤسسي للنظام السوري الجديد نصحتا الرئيس أحمد الشرع بتجاهل ما صدر من مرجعية الموحدين الدروز في السويداء، يوم 13 آذار/ مارس الحالي، من رفض للدستور الجديد.

وكانت تقديرات الجهات الناصحة للشرع أن المستجدات السريعة المتوالية بدءًا من الدعم الأوروبي والحيادية الأمريكية، مرورًا بأحداث الساحل السوري، وانتهاءً بإعلان قوات سوريا الديمقراطية (قسد) الانضواء العسكري تحت مظلة الدولة، قد أفقدت مجاميع الشيخ الهجري في السويداء قوتها في ديناميكيات القوة والضغوط الداخلية والخارجية، ما يجعل تجاهلها هو الحل الأمثل.

وكان ديوان الهجري أصدر بيانًا رفض فيه الإعلان الدستوري السوري، مطالبًا بإعادة صياغته ليؤسس لنظام ديمقراطي تشاركي يضمن توسيع صلاحيات الإدارات المحلية، والحد من صلاحيات رئاسة الجمهورية. وأكد البيان أن الإعلان الدستوري الذي صدر جاء بيد لجنة من لون واحد، وكأنه استمرار لنظام الاستبداد، إذ يمنح الصلاحيات المطلقة لشخص واحد، ما يؤسس لسلطة دكتاتورية جديدة، مشددًا على أنه “لن ننفذ أي بند في أي دستور أو إعلان لا يتوافق مع إرادة الشعب وحقوقه”.

أستاذ الاقتصاد الاجتماعي الدكتور مأمون المالكي في قراءته لأهمية بيان الهجري وتفسير التجاهل الرسمي له، يقرّ بأن الطرفين، النظام والمرجعية المذهبية للدروز في السويداء، تشاركا هذه المرة في القناعة بمصلحتهما في التهدئة خلال هذه المرحلة. ولذلك تجاهلت الرئاسة التعقيب على البيان وانقضت عشرة أيام لم يصدر فيها أي بيان أو متابعة. والأمر مثله من طرف مكتب الشيخ الهجري الذي فوّت عدة مناسبات دون أن يستغلها في المتابعة والتصعيد، كما يقول.

ويرجح الدكتور المالكي أن يكون سكوت النظام عن متابعة الاشتباك اللفظي مع مرجعية الشيخ الهجري، الهدف منه تجنب فتح جبهة جديدة في السويداء، خاصة مع استمرار التحديات الأمنية والسياسية في مناطق أخرى من سوريا، وتحديدًا متواليات المجازر التي حصلت في الساحل السوري.

وأشار إلى احتمال أن تكون رئاسة الشرع تتجنب أيضًا توسيع أوجه المواجهة مع إسرائيل وهي تواصل التدخل في جنوب سوريا بمظاهر الاحتلال وفي دعاوى حماية الدروز بالقوة العسكرية.

أما بالنسبة للشيخ الهجري، فقد يكون السكوت تكتيكًا لتعزيز موقف الدروز داخليًا دون استفزاز رد فعل عنيف من النظام في مرحلة انتقالية حساسة.

ويستذكر المحلل المالكي أن بعض دول الجوار السوري، والمعروفة بميولها على الدروز، كانت وعدت وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني بالعمل لتهدئة اللغة الدرزية واحتواء أي جهد انفصالي تحت شعارات اللامركزية والكونفدرالية.

-انقسام داخلي في السويداء
من طرفه، يعزو المحلل السياسي لطيف أبو نبوت سكوت النظام السوري عن ملاحقة موقف الشيخ الهجري إلى القناعة بأنه على أرض الواقع لا يتجاوز المناوشة الكلامية، كون المعادلة الداخلية في تركيبة القوة بالسويداء لا تعطي قيمة تنفيذية لتهديدات الشيخ الهجري.

ويستحضر أن قرار انضواء “قسد” تحت المظلة العسكرية للنظام أفقد سلاح الفصائل للشيخ الهجري قوة التأثير. فطالما شكّلت “قسد” مصدرًا رئيسًا لمجاميع الهجري ليس فقط في السلاح وإنما أيضًا في التمويل والترضيات. وبانضمامها الآن للنظام تصبح دعاوى الشيخ الهجري بالتمرد أو الاشتباك العسكري، دعاوى أقرب للابتزاز، حسب وصفه.

ويُلفت المحلل أبو نبوت إلى وجود فصائل في السويداء معروفة بأنها خارج سلطة الشيخ الهجري، مثل “رجال الكرامة” و”لواء الجبل”، وهي التي سبق وأشهرت ولاءها للنظام الجديد وأعلنت استعدادها للاندماج في جيش وطني جديد، يمنح النظام أداة ضغط ضد موقف الهجري.