عندما بدأت موجة التطبيع الأخيرة مع الكيان الصهيوني عام ٢٠٢٠ بجهود وضغوط الرئيس الأمريكي ترامب مع ٤ دول عربية (الامارات والبحرين والسودان والمغرب) كتبنا مقالاً بعنوان (طبعوا إن شئتم ولكن ليس على حساب الحق الفلسطيني) حيث اعتبرنا التطبيع قراراً سيادياً وشأناً داخلياً لكل دولة والحكم عليه سلباً أو إيجاباً يعود لشعوب الدول المعنية، كما راهنا بأن التطبيع لا يعني تغيير موقف الأنظمة والشعوب تجاه القضية الفلسطينية.
ولكن ما لاحظناه أن بعض الدول المُطبعة لم تكتفي بالاعتراف بالعدو الصهيوني وتوقيع اتفاقات أمنية وتجارية معه، وهذا أمر يخصها، بل ابتعدت كثيراً عن القضية الفلسطينية،
ولم يكن هناك داعي للتحجج بالخلافات الفلسطينية الداخلية، ففلسطين ليست حركة حماس أو أي فصيل آخر بل قضية شعب يسعى للتحرر وتقرير مصيره الوطني ومن حقه التواجد والحضور في المشهد السياسي والاعلامي العربي من خلال الندوات والبرامج التلفزيونية والمقالات الصحفية وحتى في مناهج التعليم الجامعي وما قبل الجامعي وليس تغيير مناهج التعليم بما يتوافق مع رواية العدو.
إلى ما قبل اندلاع حرب الإبادة والتطهير العرقي في غزة والضفة كانت مراهنات بأن التطبيع قد يكبح جماح الاحتلال ويحرك عملية سلام كما روج ترامب وجماعة (السلام الإبراهيمي) ،ولكن مع الحرب وتزامنها مع استهداف وكالة الغوث وما يجري في الضفة من هجمات المستوطنين وتوسيع مشاريع الاستيطان ثم الصمت على ما يتعرض له القطاع من موت ودمار وتجويع للسكان واحتمالات للتهجير دون حتى قطع علاقاتها مع العدو أو حتى سحب سفيرها…تأكد أن التطبيع لم يكن عبثياً أو جزءاً من عملية سلام بل كان تهيئة لمخطط لتصفية القضية الفلسطينية، وبالتالي لا نبالغ إن قلنا أن الدول المطبعة تتحمل جزءاً من المسؤولية عما يجري في قطاع غزة.
