ليس دفاعا ولكنها الحقيقة

كتب فراس ياغي

لا اعرف لماذا يعشق البعض دائما حرف البوصلة؟ واعتقد أنه يندرج من سياق محاولة البعض لإحداث ما فعله سابقا بمسمى “الربيع العربي” وهو لم يكن سوى دمار على كل الشعوب العربية وادى إلى واقع جديد عانت منه تقريبا الدول العربية المركزية وافضى الى فوضى وصراع تناحري بين تنظيم “الإخوان المسلمين” ومجمل الانظمة وجهازها الامني والعسكري والبيروقراطي، إضافة إلى جزء لا باس به من الشعب ومعهم مجمل الاقليات التي تعيش في تلك الدول، ومن تأثر بشكل مباشر وباوضح صورة خاصة مع الطوفان، هي القضية الفلسطينية

هناك حقائق راسخة تجاوزها يعني دماء جديدة وفوضى جديدة، وهذه الحقائق هي:

اولا- الدول العربية المركزية التي كانت سندا للشعب الفلسطيني انتهت، وضعفت، إما لانها وقعت اتفاقيات سلام ملزمة امنيا لها وهي متمسكة فيها “مصر”، وإما تم احتلالها واسقاط نظامها وحل جيشها “العراق”، وإما بمسمى الثورة تم تدميرها وحل جيشها كاملة لمنعه من التصدي للمخطط الاسرائيلي في تدمير مقدرات الدولة ك “سورية”، وإما انها خرجت من حرب اهلية وتخاف العودة اليها لانها اكتشفت ان وراءها ليس سوى امريكا ودول عربية، ك “الجزائر”، هذه الدول الكبرى هي التي كانت تقف في وجه المؤامرات على القضية الفلسطينية وتمنع تصفيتها

ثانيا- اصبحت الدول التي تآمرت على القضية الفلسطينية سابقا ولا تزال هي التي تتحكم في القرار العربي لانها هي التي دعمت الثورات وخلقت الفوضى والدمار بالاتفاق مع الامريكي والإسرائيلي، ومن خلال اموالها والشعارات الإسلامية البراقة جندت عشرات الآلاف ليس من تلك الدول فقط، بل اتت بهم من كل أصقاع العالم بمسمى “الجهاديين”، هذه الدول هي التي طعنت ولا تزال القضية الفلسطينية في ظهرها، وهي التي لا تزال تعمل مع الأمريكي وتقدم له الخدمة وراء الخدمة، وهذه الدول واموالها هي العائق الحقيقي امام عودة العرب لعروبتهم الحقيقية

ثالثا- المنتفعين احزابا وشخصيات سياسية ونخب ومفكرين وضعت لهم اسعار وتم شراؤهم ماليا عبر تلك الدول التي تآمرت على الدول العربية المركزية “القاهرة وبغداد ودمشق والجزائر”، واصبح جل هؤلاء في خدمتهم خاصة ان تلك الدول التي تفيض نفطا وغازا افتتحت قنوات فضائية وبدأت عملية دعائية وفق خطة مبرمجة امريكيا، لخلق حالة من الضعف والفوضى، وقد تصدر تلك العناوين نخب ومفكرين وسياسيين وحقوقيين ومنظمات انسانية ومجتمع مدني، مهمتها تبرير الفوضى الخلاقة التي نشروها في اغلبية الدول العربية المركزية، وقد نجحوا في ذلك، ونحن جميعا نرى النتائج على الارض، وكل ذلك لأجل جيوبهم، فباعوا ذكائهم وفطنتهم وافكارهم للمال، وانتجوا دول هشة ضعيفة تستنجد بدول المؤامرة لدفع رواتب موظفيهم

رابعا- القضية الفلسطينية وما يحدث من تجويع في قطاع غزة، لا يمكن وتحت اي ظرف تحميل مسؤوليته لعدم فتح معبر رفح، لأن الحقيقة واضحة، المعبر لكي يفتح بحاجة لموافقة إسرائيلية، فهي من تحتل الجانب الفلسطيني من المعبر، إضافة إلى ان بوابات المعبر مصنفة على انها منطقة “د” في الاتفاقيات المعقودة، اي قرار فتح المعبر يكون بإتفاق الطرفين المصري والإسرائيلي الذي يتحكم في فتحة المعبر من الجانب الفلسطيني سواء كان ذلك عبر الاحتلال المباشر “الآن” او غير المباشر “قبل السابع من اكتوبر”

خامسا- جمهورية مصر لا تريد خوض حروب، واتفاقية كامب ديفيد واضحة، وترى أن الحرب لن تكون مع اسرائيل، بل مع امريكا، وهي ملتزمة بالاتفاقيات الموقعة، لذلك نقض التفافية وفرض فتح بوابة المعبر من الجانب الفلسطيني تعني الدخول في حرب هم لا يريدونها.

سادسا- الحريص على القضية الفلسطينية لا يهاجم دولة بعينها، بل يصمت أو يقول الحقيقة، وهي ان مجمل الدول العربية والإسلامية ذات المذهب السني الخالص المتحالفة مع امريكا وتأتمر بإمرتها، وهي التي تتحمل مسؤولية عدم الضغط على أمريكا لكي توقف سلاح التجويع الإسرائيلي، وتدفع تريليونات الدولارات لراعي إسرائيل “امريكا”

أخيرا، في غزة مقاومة، وهي من المفروض أن تكون حركة تحرر وطني، وليست تنظيم إخوان مسلمين حتى لو كانت جذورهم كذلك “مؤسسي فتح اغلبهم كان منضويين تحت لواء الإخوان المسلمين”، اي ان المطلوب عدم حرف البوصلة، والمطالبة من الشعوب العربية بالخروج للميادين ومحاصرة السفارات الامريكية والإسرائيلية لوقف الإبادة والتطهير العرقي، وليس حرف البوصلة وخلق أجندات لصالح توجهات حزبية إخوانية

كل العرب والمسلمين انظمة وشعوب تتحمل مسؤولية كبرى عما يحدث من تجويع في غزة، ما عدا تلك الفئة القليلة التي وقفت بجانب الشعب الفلسطيني وغزة اولا، اما عبر فتح جبهات مساندة وخوض حروب او عبر تحركات جماهيرية “وأغلبهم من المسلمين الشيعة”

المعركة يجب ان تكون مع الإحتلال ويجب عدم حرف البوصلة عن “غزة”، فهذا لن يخدم سوى الأجندات وليس القضية الوطنية