مؤتمر باريس لدعم لبنان نجح إنسانياً وفشل سياسياً

السياسي – يرى خبراء سياسيون فرنسيون، أن نتائج مؤتمر الدعم الدولي بشأن لبنان في باريس، لا تقدم حلولًا دبلوماسية مستدامة، كما لا يمكن اعتباره سوى خطوة مؤقتة، على الرغم من مساهماته المالية والإنسانية الكبيرة.

وقال الخبير في مركز دراسات السياسات الدولية، جان-بيير فيليو، إن “الدعم المالي المقدم إلى  لبنان لن يؤدي إلا إلى تهدئة مؤقتة للأزمة”، مشددًا على أن غياب الأطراف المعنية مثل إسرائيل وإيران يضعف أي تقدم دبلوماسي.

وأضاف أن مؤتمر  باريس لم يقدم خطة واضحة لدفع الأطراف اللبنانية نحو إيجاد حلول سياسية، مثل إجراء الانتخابات الرئاسية التي تعد ضرورية للحفاظ على بنية الدولة، لافتا إلى أن هذه المساعدات، دون تحفيز للإصلاحات، قد تكرّس حالة الركود السياسي في لبنان.

وبدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في المعهد الأوروبي، أوليفييه روي، أن نتائج المؤتمر تظهر تناقضًا بين الدعم الدولي للبنان وقدرة تطبيق الحلول الدبلوماسية، مشددا أنه رغم أهمية المساعدات، فإنها لا تغني عن الحاجة إلى معالجة القضايا الأساسية مثل التدخلات الإقليمية.

وأضاف أن المساعدات المخصصة للجيش اللبناني قد تعزز الاستقرار الأمني، لكنها لا تقدم حلولًا للتحديات الدستورية والسياسية، مما يجعل هذا الدعم غير كافٍ لتحقيق استقرار حقيقي.

ومن جهته، قال الباحث في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية، لوران بونيفوي،إن مؤتمر باريس يمثل محاولة لتجنب الخوض في الملفات الشائكة مثل التسوية السياسية والنفوذ الإقليمي لحزب الله.

واعتبر بونيفوي أن المجتمع الدولي يستخدم الأهداف الإنسانية كغطاء لتفادي مواجهة القضايا المعقدة، مما يُظهر نوعًا من الازدواجية في التعاطي مع الأزمات.

كما يرى أن تكرار هذا النوع من المؤتمرات قد يُبقي لبنان في حلقة من التبعية الدولية، ما لم تُقرن المساعدات بإصلاحات جدية وشروط ملموسة.

-رؤية واقعية للنتائج
وأشار الباحث السياسي الفرنسي إلى أن مؤتمر باريس، رغم التزامه المالي الكبير، لم يحقق نجاحًا سياسيًا مستدامًا للبنان، وأن تأثيره يبقى محدودًا ما لم يُرافقه خطوات سياسية حقيقية وضغط دولي على لبنان لتنفيذ إصلاحات جذرية.

وشهد المؤتمر الذي أطلقه الرئيس الفرنسي إيمانويل  ماكرون جمع نحو مليار دولار لدعم اللبنانيين وجيشهم. وأكدت باريس أن “المجتمع الدولي كان بمستوى التحدي المالي”، مشيرة إلى مساهمات كبيرة جُمعت يوم الخميس، رغم عدم حدوث أي تطورات دبلوماسية تُذكر.

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو: “لقد استجبنا لنداء الأمم المتحدة وأعلنا مساهمات مالية ضخمة بلغت 800 مليون دولار، إضافة إلى مساعدات عينية كبيرة.” وخصص نحو 200 مليون دولار لدعم الجيش اللبناني.

ويشكل هذا الدعم المالي ضعف الهدف الأولي الذي حددته فرنسا، وأعلى بكثير من المبلغ المطلوب من الأمم المتحدة، الذي بلغ 400 مليون دولار في بداية أكتوبر/ تشرين الأول، ولم يُحقق منه سوى نسبة ضئيلة وصلت إلى 15٪، وفقًا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

وكانت الولايات المتحدة أكبر المساهمين بمبلغ 300 مليون دولار، تلتها فرنسا (108 ملايين دولار) وألمانيا (103 ملايين دولار).

-غياب التقدم الدبلوماسي
رغم دعوات الرئيس ماكرون لوقف “الأعمال العدائية” في لبنان، إلا أن غياب الأطراف الرئيسية، إسرائيل وإيران، عرقل أي تقدم دبلوماسي كبير.

ومع ذلك، أكد جان-نويل بارو توافق المشاركين من 70 دولة على ضرورة إيجاد حل دبلوماسي يمر عبر التنفيذ الكامل للقرار 1701، الذي ينص على “وقف الأعمال العدائية على جانبي الحدود”.

ويشدد القرار، الذي أنهى الحرب بين إسرائيل وحزب الله عام 2006، على ضرورة وُجود الجيش اللبناني فقط، إلى جانب قوات “اليونيفيل” في جنوب لبنان المحاذي لإسرائيل.

والهدف هو نشر الجنود اللبنانيين بشكل واسع في المنطقة الجنوبية وتعزيز قوات “اليونيفيل”، وفقًا لما أشار إليه وزير الخارجية بارو.

كما حث بارو اللبنانيين على انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت، في ظل شغور المنصب منذ قرابة عامين، مؤكدًا أن “ترك لبنان بدون رئيس أمر لا يمكن القبول به، فوجود رئيس شرط للحفاظ على كيان الدولة اللبنانية”.

تابعنا عبر:

شاهد أيضاً