السياسي – سلّطت صحيفة لوموند الفرنسية الضوء على ما وصفته بـ«طقوس الإذلال والمخاطرة» التي يشهدها توزيع المساعدات الغذائية عبر “مؤسسة غزة الإنسانية” (Gaza Humanitarian Foundation)، وهي منظمة أميركية تخضع لإشراف إسرائيلي داخل قطاع غزة.
واستندت الصحيفة إلى فيديو وثّقه الناشط الإسرائيلي ألون لي غرين، المدير المشارك في مجموعة “الوقوف معًا” العربية–اليهودية، يظهر مئات الأشخاص يقفون خلف بوابات معدنية في فناء خرساني، فيما يتجمع آخرون على سفح تلّ. بعد الفتح المفاجئ، تدافع الآلاف نحو صناديق الطعام.
وعلق غرين: “هذا الفيديو كارثي بكل بساطة… إنّها الجحيم الذي خلقناه في غزة… بتجريد ملايين الناس من إنسانيتهم”
وأشارت لوموند إلى أن المشهد تحول إلى “أمر طبيعي”، حيث يرتبط الخوف والتهشيم النفسي برؤية الناس الجائعين يندفعون نحو الغذاء تحت تأثير الذعر.
يكون غالبًا الشباب القادرون على السير ساعات طويلة والوصول أولًا. إذ تبدأ السرقة العمدية للمواد – التي تتوزع بشكل مسبق على الأرض – من الوافدين الأوائل.
في المقابل كبار السن أو المنهكين قد يبقون على أبواب المراكز بلا نصيب، بينما يعود آخرون يوميًا ليبيعوا المواد الأساسية كالسكر والدقيق بزخم الجشع والطلب.
على صفحة المؤسسة في فيسبوك، تكررت شكاوى من فوضى واضحة وعدم عدالة في التوزيع. التعليقات تطالب بنظام محوسب قائم على “الترشيح”.
فيما تكتفي المنظمة بإعلانات بسيطة عن موعد ومكان التوزيع، مصحوبة بتحذيرات من التجمع عند البوابات لأنها “مناطق عسكرية”.
قال أمجد الشوا، مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية: “لا يوجد منطق ولا إجراءات، ولا حتى شخص ينظر إليهم أو يحييهم في مراكز الإغاثة.”
وقالت جولييت توما، مديرة الاتصالات في وكالة أونروا: “لم نشهد شيئًا كهذا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية… إنها ليست فقط مساعدات، بل مؤسسة لإذلال البشر”.
ذكّرت لوموند بأن دولة الاحتلال الإسرائيلي منعت أونروا – المؤسسة الأممية التي تعمل منذ 75 عامًا – من توزيع المساعدات في 400 مركز داخل غزة، بزعم “تحويلها من قبل فصائل المقاومة”. إلا أن هذا الاتهام لم يثبت وفق الصحيفة، مما رفع من درجة الإذلال والتبعية للمؤسسات العسكرية المدعومة أميركيًا.
وحول نقطة التوزيع في “نتساريم”، شُوهد انتشار إصابات يومية في مستشفى العودة بالقرب منه، جراء تدفق الجرحى الناجم عن التراشق والفوضى.
هذه الأوضاع تأتي وسط “حصار صارم” تفرضه دولة الاحتلال منذ مارس 2025، وندرة وصول المساعدات. تفاقم انعدام الأمن الغذائي واستمرار القصف جعلا من غزة مسرحًا لأزمة إنسانية حادة.
ورسمت لوموند صورة مؤلمة لمشهد توزيع غذاء يفرز معاناة يومية: شباب يركضون على الحياة والموت، وكبار ينتظرون دون فائدة، وسط فوضى منظمة تُبرر عبر ذرائع عسكرية.
ووجهت الصحيفة سهام النقد إلى النظام الذي يقصّر المؤسسات العالمية في إطعام الجائعين، مطالبة بإعادة المنظمة الأممية – مثل أونروا – إلى قلب العملية الإنسانية، وبإصلاح جذري لآلية الدفع، لتعود الكرامة إلى سكان غزة.