منذ سنوات، كانت هناك مؤشرات واضحة على الحرب القادمة على غزة، ولم يكن ذلك من قبيل المصادفة. بعض خطابات قيادات حماس، وتهديداتها بحرق الأخضر واليابس، واستعدادها لأن يكونوا كأصحاب الأخدود، والاستعداد ان يقتل الشعب لاخر طفل فيه، وخططها المتعلقة بتحالف واسع جُند في اليمن والشام والعراق، والتصريحات عن حجم الأنفاق الذي يفوق ضعف مساحة قطاع غزة، وعن مقدرات المقاومة، وآلاف الصواريخ… الخ كل ذلك لم يكن مجرد كلام عابر، بل كان لعب على المكشوف بكل غرور، كانت ترصدها إسرائيل كلمة كلمة، وإيماءة إيماءة. وفي المقابل، كان أنصار حماس ينبهرون بهذا الكلام ويشعرون بنشوة الكبرياء والتفوق على إسرائيل.
توجت هذه التحركات بمؤتمر وعد الآخرة، الذي أقيم في غزة، وكان إعلانًا صريحًا عن إنهاء ما يسمى إسرائيل، وتحرير كل فلسطين، ودعوة الفلسطينيين للاستعداد للعودة وتضافر الجهود لإدارة الموارد التي سيتم الاستيلاء عليها. حينها اعتبر العقلاء هذا الخطاب هراءً وسخافة، ودرب من الخيال، وسخر البعض منه، لكنه لم يكن كذلك في نظر إسرائيل، التي رأت فيه ناقوس خطر حقيقي. صمتت بخبث ولؤم، وزادت مراقبتها لمسيرات العودة وما يسمى الإرباك الليلي، وزادت في تحويل الأموال خارج النظام المصرفي الرسمي، كأنها رشوة من الضعيف الخائف أمام القوي الجبار!
حتى جاءت لحظة هجوم حماس الذي استمر أكثر من خمس ساعات، دون اي رد يذكر من جانب اسرائيل، وأظهرت إسرائيل ارتباكها، قبل أن تعيد السيطرة أمام العالم. تحرك الأمريكيون وحلفاء إسرائيل، ووافقوا على أن البادي أظلم، لتبدأ إسرائيل تنفيذ مخططها الدموي الاستئصالي بدقة، ومن اللحظة الأولى، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي ورئيس أركانه أنهم سيُدمّرون غزة ويعيدونها خمسين سنة إلى الوراء.
السؤال الآن: هل نحن قادرون على مواجهة هذا الحقد الأسود؟
هل يمكننا أن نوقف المخطط الاستئصالي، ونعكس إرادتنا من خلال هجوم سياسي بخارطة طريق تعكس إيماننا بالسلام؟ واننا شعب يريد الحياة ويعشق البناء، شعب إنساني تعرض للقتل والدمار، ومن حقه أن يستقل بوطن حر ونظام ديمقراطي.
