#كيف تفكر إسرائيل
أولًا، قادة حماس حاولوا فرض أمر واقع في المفاوضات، ليس لتحقيق مصلحة وطنية بل لحماية مصالح شخصية ضيقة. وجودهم في قطر منحهم وهم الأمان، لكن من يعرف العقلية الإسرائيلية يدرك أن إسرائيل لا تعترف بصداقة على حساب مصالحها الاستراتيجية.
ثانيًا، إسرائيل تسعى لحسم ملف غزة بشكل نهائي: استعادة الرهائن –أحياءً أو أمواتًا– ثم ملاحقة قادة حماس في الخارج وتصفيتهم. غير أن حماس، بسذاجتها السياسية، اعتقدت أن المماطلة قد تمنحها فرصة للاستفادة أو العودة إلى غزة او الى المشهد السياسي، لكن كل ذلك كان مجرد أوهام انهارت مع أحداث 7 أكتوبر.
منذ ذلك اليوم، تلقت غزة والضفة الغربية والقضية الفلسطينية ضربة قاصمة. سقط قناع حماس في الوعي الجمعي الفلسطيني ولم يعد لها موقع حقيقي في القيادة. حزب الله، النظام السوري، وإيران باتوا في مأزق استراتيجي عميق يحتاج إلى سنوات طويلة للتعافي، إن كان ذلك ممكنًا أصلًا. وسقوط النظام الإيراني في السنوات المقبلة لم يعد سيناريو مستبعدًا.
أما قادة حماس فما زالو يراهنون على مفاوضات عبثية لا تنتهي، متجاهلون أنهم الهدف اللاني في حسابات إسرائيل.
ماذا تريد إسرائيل الآن؟
إسرائيل لم تعد تكتفي بالضغط العسكري والسياسي، بل وضعت أهدافها على الطاولة بوضوح: تريد من قادة حماس أن يسلّموا الرهائن فورًا، أن يتخلوا عن سلاحهم، أن يغادروا الشرق الأوسط بالكامل، وأن يتواروا عن الأنظار السياسية والإعلامية. ومع ذلك، سيبقون دائمًا تحت أعين الموساد أينما ذهبوا وسيتم تصفيتهم وعائلاتهم ….
وما صرح به قادة حماس من مباركة على عملية ريموت في القدس بالأمس لها ثمنها عند نتنياهو وإسرائيل….
ومع ذلك، فإن أسلوب محاولة اغتيالهم الأخيرة لا يشبه النهج المعروف للموساد، الذي يمتاز بالدقة والنجاح شبه الحتمي. ما يرجّح أن العملية لم تكن سوى رسالة ضغط وتخويف، هدفها دفع قادة حماس نحو الاستسلام الكامل بدل الاكتفاء بتصفيتهم حاليا ….
ولماذا الآن؟
لأن إسرائيل في ذروة مشروعها لحسم معركة غزة، وتصفية حسابها مع السلطة الفلسطينية ذاتها. عدد الرهائن المتبقين –وفق تقديرات– لا يتجاوز العشرة، وربما أقل. بعد ما حققته إسرائيل من قوة ردع على جبهات غزة والضفة ولبنان وسوريا وإيران واليمن، لم يعد هناك مجال للتراجع. نتنياهو يعيش لحظة إنجازات “وجودية”، عززت مكانة إسرائيل إقليميًا ودوليًا، ولن يفرط بها.
وماذا عن العلاقات الخليجية–الإسرائيلية؟
هل ستتأثر العلاقات الخليجية، خصوصًا مع قطر والإمارات، بمحاولة اغتيال قادة حماس؟ الأرجح أن التأثير سيكون محدودًا. نعم، ما جرى يُعد انتهاكًا للسيادة القطرية، لكن إسرائيل ليست بالغباء الذي يجعلها تخسر شركاءها الاستراتيجيين. ما يُقال في الإعلام شيء، وما يُدار خلف الكواليس شيء آخر تمامًا.
