قال محللون إن طول أمد الحرب الدائرة في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس نسف الحسابات الخاطئة للأخيرة بشأن ما يمكن أن تحققه من نتائج سياسية وعسكرية، الأمر الذي يهدد حكمها للقطاع.
وعوّلت حركة حماس على أربعة عوامل في حربها مع إسرائيل، تتمثل في عدم قدرة الجيش الإسرائيلي على الدخول في حرب طويلة الأمد، ودخول ميليشيا حزب الله وإيران على خط المواجهة، ما يمكن أن يشكّل ضغطًا عسكريًّا لإنهاء الحرب.
كما عوّلت الحركة على التدخل الدولي للضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب، والانقسامات داخل الحكومة الإسرائيلية وإمكانية انهيار الائتلاف الحكومي، وهي العوامل التي فشلت جميعها في خلق ضغط كافٍ يجبر إسرائيل على إنهاء الحرب.
الحرب الطويلة
وخاض الجيش الإسرائيلي أطول وأعنف حرب في تاريخه، وهو الأمر الذي خالف حسابات حركة حماس، التي رجحت تقديراتها العسكرية والأمنية أن إسرائيل وجيشها لا قدرة لهم على القتال لعدة أشهر، وسيعملون جاهدين للتوصل لاتفاق تهدئة مهما كان الثمن.
وأربك ذلك حسابات الحركة، التي أكدت مرارًا قدرتها على قتال الجيش الإسرائيلي لأشهر طويلة، إلا أن ذلك لم يتحقق، إذ لم تطلق مؤخرًا سوى عدد محدود جدًّا من الصواريخ تجاه إسرائيل، كما أن آخر استهداف لتل أبيب كان في اليوم الأخير من العام الماضي.
ويرى الخبير في الشأن الإسرائيلي، سهيل كيوان، أن “حركة حماس أخطأت في تقديراتها بشأن عدم قدرة الجيش الإسرائيلي على خوض معركة طويلة الأمد”، لافتًا إلى أن الحركة كانت مستعدة للقتال لثلاثة أشهر على أبعد تقدير”.
وأوضح كيوان، أن “إسرائيل” كانت معنية بطول أمد الحرب لتحقيق عدد من الأهداف، أهمها إضعاف القدرات العسكرية للجناح المسلح لحركة حماس، وإعادة قوة الردع على إثر الانتكاسة الكبيرة التي تعرضت لها بسبب أحداث أكتوبر”.
وأشار إلى أنه “وفي إطار الدعم الغربي والأمريكي غير المسبوق لإسرائيل تمكن جيشها من إطالة أمد الحرب”، مبينًا أن الجيش الإسرائيلي يستعد لسنوات من الحرب في غزة، ولديه سيناريو يتعلق بالحرب المفتوحة.
ميليشيا حزب الله وإيران
ومن حسابات حركة حماس الخاطئة في الحرب الدائرة حاليًّا تعويلها على إمكانية دخول ميليشيا حزب الله في لبنان وإيران بقوة على خط المواجهة مع إسرائيل، وهو الأمر الذي لم يتحقق، رغم المواجهات المحدودة على الجبهة الشمالية.
واكتفى الحزب بمواجهات محدودة النطاق للغاية مع الجيش الإسرائيلي، رغم استهداف قادة بارزين في صفوفه، فيما لم تدخل إيران أي مواجهة مع إسرائيل، باستثناء ردها على استهداف قنصليتها في العاصمة السورية دمشق.
ووفق كيوان، فقد “كان من الصعب على ميليشيا حزب الله الدخول في مواجهة مفتوحة مع إسرائيل ستؤدي إلى تدمير هائل للبنان، خاصة في ظل الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة التي يعيشها اللبنانيون”، مؤكدًا أن ذلك دفع الميليشيا للاكتفاء بمواجهة محدودة للغاية.
وبيّن أن “إيران تدرك جيدًا أن دخولها على خط المواجهة يعني حربًا إقليمية، وأن ذلك قد يدفع بعض حلفاء إسرائيل لتوجيه ضربات عسكرية قوية في عمق الأراضي الإيرانية، وهو الأمر الذي لا يرغب فيه المسؤولون الإيرانيون”.
وأكد كيوان، أن “إيران ليست لديها القدرة على ضرب إسرائيل، أو الوصول إلى أهداف إسرائيلية بسهولة، خاصة أن المسافة بعيدة للغاية، ولا توجد لديها قواعد عسكرية أو نقاط تمركز قريبة من الأراضي الإسرائيلية”.
التدخل الدولي
وعلى عكس حسابات حركة حماس الخاصة، فإن المجتمع الدولي لم يتدخل بالشكل المطلوب من أجل وقف الحرب على غزة، كما فعل في مواجهات سابقة بين الحركة وإسرائيل؛ وإنما قدم في البداية دعمًا للأخيرة، وأكد حقها في ضمان عدم تكرار أحداث أكتوبر/ تشرين الأول.
ويرى المحلل السياسي، جهاد حرب، أن “تعويل الحركة على الضغط الدولي كان يمكن أن يؤتي ثماره في حال كانت هجمات أكتوبر/ تشرين الأول أقل حدة مما كانت عليه”، لافتًا إلى أن الرواية الإسرائيلية بشأن تلك الهجمات هي التي طغت في البداية.
وأوضح حرب، أن “الدول الغربية لم تضغط بالشكل المطلوب على إسرائيل لوقف الحرب في غزة، وأنها معنية بطول أمد الحرب من أجل التوصل في نهاية الأمر لاتفاق يؤدي إلى هدنة طويلة الأمد بين طرفي القتال”.
وشدد على أن “الإدانات الدولية لما ستفرزه الحرب على غزة ستكون على حركة حماس وإسرائيل، وأن الحركة ستكون الخاسر الأكبر، خاصة أنها ستغلق أبوابًا دبلوماسية دولية كانت يمكن أن تتواصل معها على المدى القريب”.
الانقسامات الإسرائيلية
ووفق التقديرات، فإن تعويل حركة حماس على الانقسامات داخل الحكومة الإسرائيلية، وإمكانية انهيار الائتلاف الحكومي بقيادة بنيامين نتنياهو، كانت من أكثر الحسابات الخاطئة بالنسبة للحركة في معركتها ضد إسرائيل.
ورغم الانقسامات الداخلية، فإن هجمات السابع من أكتوبر/ تشرين الأول أدت إلى تأجيل أي صراع داخلي، خاصة أن نتنياهو نجح في بدايتها بتشكيل مجلس الحرب، الذي ضم قيادات بارزة في المعارضة الإسرائيلية على رأسهم بيني غانتس.
ويفيد حرب، بأن “إسرائيل عادة ما تكون موحدة ضد أي خطر خارجي يهدد وجودها، وأن قادتها في الحكومة أو المعارضة بإمكانهم التوصل إلى اتفاقيات عاجلة في هذه الحالة”، مبينًا أن هجمات حركة حماس أخرجت نتنياهو من مأزقه السياسي.
وأوضح حرب، أن “هجمات أكتوبر/ تشرين الأول، وإن لم تنجح في توحيد الائتلاف الحكومي والمعارضة الإسرائيلية، إلا أنها أرجأت العديد من الخلافات الداخلية، كما أنها عززت من قدرة الائتلاف على البقاء”، مبينًا أن الحرب تضمن لائتلاف نتنياهو الحكومي الاستمرار في حكمه.
“إرم نيوز”