مخطط “ترامب نتنياهو ” للشرق الأوسط الجديد ” سايكس بيكو ” الجديدة

عصام أبوبكر

 

لم يعد الحديث عن “سايكس بيكو” مجرد سرد تاريخي، بل عاد اليوم بمسمى جديد “ترامب نتنياهو” مخطط الشرق الأوسط الجديد حيث تشهد منطقة الشرق الأوسط تحولات جذرية منذ السابع من أكتوبر، وتتكشف معادلات جديدة تفرض نفسها على المشهد السياسي، وللأسف الشديد لا توجد اليوم أمة عربية موحدة، ولا رأي عربي موحد والاختلافات دائما هي سيدة الموقف حتي بين الفلسطينيين أنفسهم المتضرر الأول وخط الدفاع الأول عن القضية الفلسطينية والمنوط بهم الدفاع عن فلسطين مضطرين غير مخيرين ، فالقضية الفلسطينية تراجعت كثيرا السنوات الماضية حتي أنها لم تعد أولوية لدى العرب، فكل دولة عربية إنكمشت علي نفسها وأصبحت غارقة في أزماتها السياسية والاقتصادية، تحاول النجاة وسط تهديدات أمنية وأوضاع داخلية خانقة،.

وقد إلتقي “ترامب نتنياهو” هذا الأسبوع في البيت الأبيض ورغم كثرة الإنباء المتفائله بشأن تغيير خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين أكد ترامب من جديد في ضيافته الثانية لنتنياهو بالمكتب البيضاوي، انه لم يغير خطته لتهجير الفلسطينيين وتنفيذ مشروعه العقاري في غزة ، وقلل من وجود خطط بديلة لخطتةفي إشارة إلي الخطة المصرية لإعمار غزة ، وقال إننا وجدنا دولا كثيرة مستعدة تقبل الفلسطينيين المحصورين في قطاع غزة، وأكد انه لم يتنازل عن خطته رغم كل ما يُثار عن وجود خطة مصرية بديلة ، ملمحا الي إحتمالية وجود قوات أمريكية قريبا في غزة قائلا “أن الوضع لن يستقر حتى تكون هناك قوة حفظ سلام دولية بإشراف أمريكي لتنفيذ خطته على قطعة الارض العقارية على البحر يقصد ” غزة” لتطويرها”. مشيرا أن الحرب في غزة ستنتهي عند القضاء على خطر حماس والإفراج عن “الرهائن”

وهذه هي الزيارة الرابعة لنتنياهو إلي واشنطن منذ بدء الحرب والثانية منذ تولي ترامب مهام منصبة وكان مكتب نتنياهو قد أعلن أن ترامب ونتنياهو قد ناقشا الجهود المبذولة لإعادة الرهائن الإسرائيليين (من غزة)، والعلاقات بين إسرائيل وتركيا، والتهديد الإيراني، والمعركة ضد المحكمة الجنائية الدولية” التي اتهمت نتنياهو بارتكاب جرائم حرب في القطاع الفلسطيني إضافة إلى التفاوض بشأن اتفاق تجاري لإلغاء الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة وإسرائيل بحسب موقع “أكسيوس” وقال نتنياهو في لقائه مع ترمب: غزة منطقة محاصرة ولسنا من نحاصرها وهناك دول توافق على استقبال سكانها

هذا المعلن أمام وسائل الإعلام لكن يبدو أن الزيارة كانت تستهدف مناقشة موضوع أخر تماما، فقد إستدعي نتنياهو إلي البيت الأبيض أو تم إستدعائه لمناقشة موضوعين مهمين وهما الأول “مخطط الشرق الأوسط الجديد” والثاني ” ضرب إيران” حيث قال نتنياهو قبل مغادرته واشنطن ” أن الخيار العسكري مطروح إذا لم تنجح المفاوضات مع طهران و يجب أن تقود المفاوضات مع إيران إلى تفكيك برنامجها النووى” في رسالة تهديد واضحة لإيران

مع كل تطور كبير في الصراع بالشرق الأوسط يخرج علينا القادة الإسرائيليون للحديث عن “شرق أوسط جديد” حيث قال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عقب قيام سلاح الجو الاسرائيلي ب350غارة علي مدي 48ساعة أدت للأسف إلي القضاء علي ما يقرب من كل مقدرات الجيش السورى عقب إنهيار نظام الأسد ومع بداية دخول قوات أبومحمد الجولاني ” أحمد الشرع ” دمشق إن إسرائيل تعمل بطريقة منهجية على تفكيك ما يسميه محور الشر، مؤكدا أن هضبة الجولان ستبقى إسرائيلية إلى الأبد، وأن إسرائيل علي تغيير الشرق الأوسط وتعزز موقعها كدولة مركزية في” الشرق الأوسط الجديد”

وقال “لقد دمرنا كتائب حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وضربنا حزب الله في لبنان، وقتلنا نصر الله وأسقطنا نظام الرئيس السوري المخلوع “بشار الأسد ”
مشيرا أن فصلا جديدا في تاريخ الشرق الأوسط فتح أمس في إشارة الي سقوط نظام بشار الأسد في سوريا وأن هناك شرق أوسط جديد يتم إنشاؤه

وفي رسالة موجهة إلى الشعب الإيراني روج رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لفكرة تغيير المنطقة، وتحدث عن شرق أوسط جديد يعيش فيه الشعبان الفارسي واليهودي في سلام ،وقال تعليقًا على غارة شنها جنود الاحتلال على بيروت “لقد بدأنا للتو.. وسنعمل على تغيير الشرق الأوسط” فما هو مخطط نتنياهو للشرق الأوسط الجديد ..؟؟

ورغم أن جميع التحليلات التي تتصدر الإعلام العربي والعالمي وما تروجة المعارضة الاسرائيلية تشير إلى أنه متمسك بالسلطة، وأنه يفكر بنفسه ولا يهتم لما تؤول له الحرب علي إسرائيل لكن الحقيقة غير ذلك..

الحقيقة أن هناك مخطط وسيناريو وضعة نتنياهو لتغيير الشرق الأوسط وعمل شرق أوسط جديد من وجهة نظر إسرائيل ،وهذا المخطط يشمل علاقات سياسيه واقتصاديه وأمنيه وعلاقات دوليةوتحالفات ،فرئيس وزراء الكيان الصهيوني شخصية محسوبه على اليمين المتطرف ولكنه يفكر بعقليه إستعمارية اقتصادية رأسمالية .

نتنياهو جاء بمخطط واضح يسعي من خلالة إلى تثبيت الكيان الإسرائيلي وتقويته في المنطقة، ومنع ذوبان هذا الكيان في الأمن غير المستقر مع الفلسطينين اولا ومع المحيط العربي ثانيا وقد صرح نتنياهو أثناء محاكمته أنه لا يهتم إن كان سيبقي في السلطه أو يذهب لكن كل ما بهمه هو بقاء دولة إسرائيل وتوسيعها وفق مخطط مدروس يسير وفق عدة مراحل فما هي مراحل هذا المخطط ؟

أولا .. يريد نتنياهو التخلص من الفصائل الفلسطينية وتصفية أوسلو والقضاء علي السلطة الفلسطينية وهو يكره الرئيس محمود عباس أبومازن ويتعامل معه على أنه شخص غير مرغوب فيه وأن مهمته فقط تنفيذ ما يطلب منه ويخطط للتخلص منه قريبا وطرده من رام الله هو وباقي أفراد السلطة الفلسطينية ومنع إقامة دولة فلسطينية

ثانيا: يريد إنهاء الاسلام السياسي في الشرق الأوسط وبدأ يحصد النتائج التي سعى إليها منذ 7 اكتوبر ، وإنهاء حماس وغزة، وانهاء حزب الله وقد نجح إلي حد بعيد في ذلك حيث أستطاع إبعاد حزب الله إلي ما بعد نهر الليطاني مع الأسنعاضة عنه بالجيش اللبناني وانشاء منطقة عازله جنوب لبنان كما تم القضاء علي سوريا كدولة ضمن محور المقاومة وهي أهم حليف لإيران في المنطقة بضرب مقدرات الجيش السورى كاملة ، وضربات في العراق وسوريا وضرب الحوثيين في اليمن مع ترك ضرب إيران للنهاية بعد إنهاء قوة جميع خلاياها بحيث تنفرد اسرائيل بإيران وحدها بعد تكسير جميع أذرعها في المنطقة، ثم تقوم بضرب إيران واهمها المفاعل النووى فضرب المفاعل النووي الايراني أصبح علي جدول خيارات ترامب ونتنياهو وإن حدث سيكون بصورة مفاجئة ودون انذار علي غرار ضرب المفاعل النووى العراقي .

ثالثا ..يريد نتنياهو تدمير الحوثيين وتأميم البحر الاحمر لصالح امريكا واسرائيل وأوروبا وبعض الأنظمه العربية ، وخط تجاري اقتصادي من الهند حتى إسرائيل فيما يطلق عليه ” الممر الاقتصادي ” وذلك بتوجية ضربات قوية لليمن وتأميم البحر الاحمر، وسيتم تدميره للتخلص من الحوثيين بحيث يستحيل أن يعودو للهيمنة على البحر الاحمر وهذا لن يتم إلا بمزيد من التدمير في اليمن ….

رابعا ..يريد التخلص من سكان غزة على سنوات لصالح غزة المدينة الذكية والتي ستكون متعددة الجنسيات ولصالح الولايات المتحدة الأمريكية وتهجيرهم إلي كل دول العالم وإنهاء حق العودة والقضاء علي فكرة حل الدولتين، وإغراق الضفة الغربية لصالح الاستيطان وتحويلها إلى نموذج استيطاني وبنية تحتية كبيرة، مع عمل خط قطارات يصلها بتل أبيب ومنع توسع الفلسطينيون في أراضيهم لصالح مشروع “يهودا والسامرة ” وتحويل القضية الفلسطينية من قضية تحرر وطني إلى قضية اقتصادية وجعل الفلسطينيون يعيشون كأقلية عربية في الضفة الغربية مع بعض الأمتيازات الاقتصادية دون وجود أي سلطة سياسية وطرد السلطة الفلسطينية من الضفة .

خامسا…التطبيع مع السعودية وهذا الهدف الماسي لإسرائيل وهذا سيقود الشرق الاوسط من وجهة نظر إسرائيل إلى الانفتاح والازدهارعلي الشرق الأوسط الجديد، فالبتطبيع مع السعودية ودول الخليج تكون إسرائيل شريكة في منطقة الشرق الأوسط وستعمل اسرائيل بعد التطبيع على تطوير الدول العربية من وجهة نظرها وتقديم الخبرات الاسرائيلية في مجالات التكنولوجيا والطب والزراعة والطاقة والبنية التحتية للدول العربية ، وفتح باب السياحة الدينية والاقتصادية لرؤوس الأموال العربية وبالأخص الاستثمارات للدخول لإسرائيل بحيث تصبح إسرائيل هي الرائده في الشرق الأوسط الجديد

سادسا ..تقسيم الشرق الأوسط الجديد إلى أكثر من ثلاثين دويلة إثنية ومذهبية وطائفيه وأن كل هذه الكيانات سوف تشلّها الخلافات الطائفية والمذهبية وتقتتل فيما بعضها البعض لحماية المصالح الأميركية والإسرائيلة حيث تسعي “إسرائيل” إلى تضخيم مشكلة الأقليات العرقية والدينية واستغلالها ضد أي مشروع وحدوي وحضّها على التمرد والانفصال بحيث تصبح إسرائيل أكبر دولة في منطقة الشرق الأوسط الجديد
” إسرائيل الكبري ”

سابعا…فتح العالم العربي لليهود بحيث يستطيعون التجول به بسياراتهم في دول الخليج والمنطقة العربية برمتها ، و نهاية الحروب مع إسرائيل والتي ستتصدر الشرق الأوسط مقابل ازدهار مبني على القوة الاقتصادية والتكنولوجية لصالح إسرائيل. وما ينبثق عن كل ذلك لاحقا هو ريادة وقيادة اسرائيل باعتبارها الأقوي إقتصاديا وتكنولوجيا لمنطقة الشرق الأوسط الجديد مع حلفائها وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية