رام الله، 13 يناير 2025
لاحظ المرصد الإعلامي لمنظمة التعاون الإسلامي لجرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين تزايد اقتحامات المستوطنين للمناطق الأثرية في عدد من مناطق الضفة الغربية، وبخاصة الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر 2024، حيث أقام المستوطنون طقوسهم التلمودية تزامنا مع ما يعرف بـ “عيد الأنوار” في المناطق الأثرية في محافظة أريحا والأغوار التي تحتل المرتبة الثانية من بين المحافظات الفلسطينية التي تتعرض للسيطرة والاستيلاء الإسرائيلي على أراضيها بعد القدس المحتلة.
وفي 26 ديسمبر 2024، دخل مستوطنون إلى منطقة قصر هيرودس في مدينة أريحا، وأضرموا النار في المنطقة الأثرية قرب القصر، بحجة أداء طقوس “تلمودية”، وفي 27 من الشهر نفسه دخل مستوطنون آخرون إلى منطقة تل ماعين الأثرية شرق بلدة يطا بالخليل، ونصبوا “شمعادانا” وأدوا طقوسهم “التلمودية”، بينما قام آخرون بنصب “شمعة الحانوكاة” أو “الشمعدان” على قلعة ديوكوس (الحوطة) الأثرية عند قمة جبل قرنطل في مدينة أريحا. وفي 14 أغسطس 2024، كانت سلطات الاحتلال قد كثفت اقتحاماتها لمنطقة المسعودية الأثرية قرب مدينة نابلس.
ومؤخرا، في 10 يناير 2025، منعت قوات الاحتلال الإسرائيلي المزارعين الفلسطينيين من حرث أراضيهم في سهل أم القبا في الأغوار الشمالية، في سياق مخططات الاحتلال للسيطرة على تلك المناطق وفرض حصار اقتصادي على الفلسطينيين في تلك المناطق.
وفي تقرير لوزارة السياحة والآثار الفلسطينية خصت به مرصد المنظمة الإعلامي لجرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين، فإن إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، باتت توظف الآثار في الأراضي الفلسطينية لادعاء ملكيتها للأرض في الضفة الغربية واستكمال بناء مستوطناتها فيها، فيما يمكن إضافة مشاريعها ومخططاتها للسيطرة على الآثار في الضفة الغربية إلى مساعيها في ضم الضفة.
وبحسب تقرير الوزارة فقد بدأ السعي الإسرائيلي للسيطرة على الآثار الفلسطينية بعد عام 1967، وتركز التنقيب الإسرائيلي في تلول أبو العلايق في أريحا، وقصور “هيرود الشتوية” وتل الفريديس شرق بيت لحم، وخربة قمران والخان الأحمر وجبل جرزيم في نابلس.
وفي اقتراح تشريعي من عضو الكنيست بحزب الليكود “عميت هاليفي” طالب الأخير بتعديلات على قانون سلطة الآثار الإسرائيلية تحت عنوان “تعديل سلطة الآثار الإسرائيلية في يهودا والسامرة 2023″، واقترح بموجبه تطبيق قوانين الآثار الإسرائيلية على الضفة الغربية بحيث تصبح من مسؤولية سلطة الآثار الإسرائيلية.
وفي 7 يوليو 2024، وافقت لجنة وزارية في الحكومة الإسرائيلية على مقترحات هاليفي، وتحول القرار لاحقا إلى أمر عسكري للاستيلاء على المواقع الأثرية الفلسطينية في بلدة سبسطية، وجاء القرار تحت ذريعة أن “الآثار اليهودية المزعومة في الضفة الغربية تتعرض للتخريب من قبل الفلسطينيين”.
وكانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية قد حذرت في 15 يوليو 2023، من خطة إسرائيلية للسيطرة على الأماكن الأثرية الفلسطينية، وطالبت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، (اليونيسكو) لتحمل مسؤولياتها تجاه ذلك، وعادة ما يتم الاستيلاء على المواقع الأثرية الفلسطينية من قبل المنظمات الاستيطانية الصهيونية التي تمنع بالتالي الفلسطينيين من دخول تلك المواقع.
من الجدير بالذكر، تعتبر أريحا والأغوار الجنوبية وشرق طوباس في الأغوار الشمالية ومنطقة البحر الميت، من المناطق التاريخية المستهدفة إسرائيليا.
وامتدت السيطرة الإسرائيلية على المناطق الأثرية إلى مطالب دينية حيث يتطلع الاحتلال الإسرائيلي إلى إلحاق المقامات الدينية على الأراضي الفلسطينية بالتراث اليهودي، فيما يتم ضمها تحت سلطة حماية الطبيعة الإسرائيلية بزعم حماية الطبيعة، أو بحجة وضع أبراج عسكرية للمراقبة كما تم في قضية مقام النبي يقين في بني نعيم.
من ناحية ثانية، يعتبر مشروع الاستيطان في أريحا مختلفا عن غيره من المشاريع الاستيطانية في بقية المناطق الفلسطينية بسبب الأهمية الاقتصادية والزراعية والسياحية من جهة، ولأنها تعد بعيدة نسبيا عن الجدار العازل ولموقعها الاستراتيجي الحدودي مع الأردن من جهة ثانية، ما يجعلها هدفا استراتيجيا أمنيا بحيث يتم جعلها منطقة عازلة شرقية، كما أن إسرائيل تنظر بأهمية للبعد التاريخي لأريحا، وهو ما يفسر سعيها المحموم للسيطرة على المناطق الأثرية هناك.
ويرى مراقبون استهداف إسرائيل لأريحا بسبب قلة الكثافة السكانية الفلسطينية في المدينة حيث يجعلها ذلك هدفا سهلا لإسرائيل في الوقت الذي يسكن فيها 53 ألف فلسطيني 12 تجمعا في مختلف مناطق أريحا. فيما يوجد في المحافظة الفلسطينية 16 مستوطنة إسرائيلية رئيسة وخمس بؤر استيطانية يقطنها 8500 مستوطن.