مسؤول إسرائيلي: لم نتوقع استمرار اتفاقات إبراهيم بعد ابادة غزة

السياسي – قبل خمس سنوات انهارت نظرية “الدولة الفلسطينية أولاً”، حين شق ترامب ونتنياهو مساراً التفافياً نحو اتفاقات إبراهيم مع الإمارات والبحرين والمغرب والسودان.
رغم أن ناتج الاتفاقات ظل في الأفق الاقتصادي الذي أخذ يتطور، وأساساً تجاه الإمارات، فإن المعنى السياسي للاتفاق كان ولا يزال مزدوجاً ومضاعفاً: علاقات رسمية بين دولة إسرائيل ودول عربية خلقت أثر وعي يتمثل بإنقاذ إسرائيل من مكانة “الدولة المنبوذة”. السلطة الفلسطينية وفصائل الإرهاب تلقت ضربة قاسية في نفس الوقت الذي لم تنجح فيه في مواصلة تكبيل إسرائيل المزدهرة بحجر الرحى الفلسطيني الذي يحاول جرها بعيدا عن منطقة الدول السليمة إلى الأسفل.
الاتفاقات تصمد أمام التحديات

بشكل مفاجئ، حتى استمرار الحرب لنحو سنتين حيال حماس، والتي اتسعت أحياناً حيال حزب الله وسوريا واليمن، لم تلغ تلك الاتفاقات. وهذا لا يعني أنه لم تكن احتكاكات وتنديدات ومطالبات، لكن الاتفاقات لا تزال في أساس العلاقات مع دول المنطقة مثل الأردن ومصر (وإن كان مع توتر مفهوم أقل).
في ضوء السنتين الأخيرتين، طلبت الإمارات في تصريحات مختلفة إنهاء الحرب، بل وطرحت نوعاً من الإنذار الآن، ليس بسبب الحرب، بل استباقاً لخطوات سيادة في “يهودا والسامرة”؛ بمعنى أن الحرب ليست هي التي أدت إلى نوع من الأزمة العلنية في العلاقات، بل كرد على خطوة إسرائيلية تدرس الآن وتذكر بالشرط السابق إياه في اتفاقات إبراهيم في 2020 (وإن كان بلا دولة فلسطينية، لكن أيضاً)؛ بلا ضم وبلا سيادة.
حرب الوجود التي فرضت عليها عقب مذبحة 7 أكتوبر، أدت إلى واقع شبه متعذر لشرعية إسرائيل في الشرق الأوسط.
رغم ذلك، بعد سنتين، يمكن القول إن الاتفاقات المهمة لم تنهر، وإن كان يفترض بهذا أن يكون أهون الشرور.
مئير بن شباط، الذي تولى منصب رئيس هيئة الأمن القومي في تلك السنين، وكان في مهمة حياكتها من خلف الكواليس، هو الآن راض عن صمود الاتفاقات. “الحقائق تتحدث عن نفسها: اتفاقات إبراهيم تجتاز حتى الأزمة الشديدة التي نشبت بسبب طول الحرب في غزة”، يقول بن شباط، وهو اليوم رئيس معهد مسغاف.
على حد قوله، “لو سألوا قبل سنتين إن كان هناك احتمال لنجاة اتفاقات إبراهيم حتى في واقع يقتل فيه آلاف الفلسطينيين في غزة في حرب مع إسرائيل، لشككنا في أن يكون الجواب إيجابياً على ذلك. إن مواصلة العلاقات، رغم ذلك، تدل على أن الحكام في تلك الدول تنظر إلى المجريات بنهج موضوعي. يفهمون بأن هذه حرب اللا مفر بالنسبة لإسرائيل. حتى وإن كانوا لا يعلنون ذلك، فإنهم يعرفون من هو المذنب”.
“بقاء الإطار”
مع ذلك، نشأ خط توتر عال. البروفيسور عوزي رابي، باحث كبير في مركز دايان في جامعة تل أبيب، يشرح بأن “الإمارات والبحرين والمغرب لم تقطع العلاقات. حتى لو امتلأت الطريق بالحواجز والتوبيخ والتجميد الموضعي، لكن الإطار بقي ثابتاً. مثلاً في البحرين، قدمت في آب 2025 كتاب اعتماد سفير إسرائيل في الدولة”.
يُعرف البروفيسور رابي، الخط الإماراتي بأنه الأهم من كل دول اتفاقات إبراهيم. وبالفعل، يبدو أن إسرائيل توليه أهمية كبيرة. في الأسبوع الماضي، وعقب تهديد الإمارات لخطة فرض السيادة، أوقف نتنياهو الانشغال الحكومي العلني في الموضوع.
“بينما تعد خطوات ضم في الضفة “خطاً أحمر” ويعرض الاتفاقات للخطر، يواصل الاقتصاد “حفظ” العلاقة، وعلى الرغم من الأثمان بالوعي، تواصل التجارة بين الإمارات وإسرائيل نموها في 2024/2025، ما يفسر سبب حظر الطرفين لتحطيم الأواني”.

للحفاظ على إطار العلاقة، يقول البروفيسور رابي، على إسرائيل أن تعلن بشكل ثابت عن التزام مبدئي بحل سياسي في المستقبل دون أن ترسم موعداً أو خريطة، والتشديد على فصول عملية بالنسبة لمستقبل غزة: إعمار، حكم مدني فاعل. هذا يعطي الإمارات والبحرين “الأكسجين السياسي” لمواصلة الشراكة. تميل إسرائيل حتى لإعطاء الإمارات دوراً عملياً في إعمار غزة لربطها برؤيا “اليوم التالي” ولإبقائها شريكاً في منفعة متبادلة وليس عدواً لا سمح الله.
شروط الإمارات
في توقع مستقبلي لتوسيع هذه الاتفاقات في رؤية مشتركة بين ترامب ونتنياهو، يقول البروفيسور رابي، إن “اتفاقات إبراهيم ستواصل خلق “وتيرة متغيرة”: فترات برود وجمود انتقائية، إلى جانب استمرار التجارة وشراكات التكنولوجيا العليا، والأمن والهدوء النسبي. وستواصل الإمارات تحديد مستوى السلوك الإسرائيلي في الضفة (لا للضم) لكنها ستمتنع عن شروخ لا رجعة عنها ما دامت هناك لغة سياسية مسؤولة”.
كي يتمكن نتنياهو من خلال مقربه رون ديرمر، من توجيه إسرائيل نحو توسيع اتفاقات إبراهيم (لبنان وربما سوريا لاحقاً) وينجح في الحفاظ على تلك القائمة في رحلاته المتكررة للإمارات، فالمطلوب هو صيغة على حد نهج البروفيسور رابي: لغة سياسية مسؤولة، مع تجميد مركز لخطوات قابلة للتفجير، مع حد أقصى من التعاون الاقتصادي.
إن حفظ اتفاقات إبراهيم لن يأتي على حساب أمن إسرائيل، الذي يمر عبر النصر على حماس. والسبب بسيط: “كي تكون اتفاقات، على إسرائيل أن تكون. وحسب مئير بن شباط، فإن حصانة إسرائيل هي التي ستوفر استمرار التعاون المستقبلي. “النصر على حماس حيوي أيضاً، لتطوير العلاقات وتوسيع دائرة الدول المشاركة في السلام. كل هذه الدول حتى لو لم تعلن ذلك، تعارض سواء المحور الشيعي بقيادة إيران أم الإسلام السني المتطرف لـ “داعش” والإخوان المسلمين”، يقول بن شباط.
“إسرائيل جزء من الحل”
على حد قوله، “كل هذه الدول ترى إسرائيل اليوم كجزء من الحل لمشاكل الشرق الأوسط، وليس كجزء من مشاكل المنطقة. إنجازات إسرائيل العسكرية في السنتين الأخيرتين إلى جانب مناعة جبهتها الداخلية المدنية والاقتصادية وإلى جانب كونها اقتصاد معرفة وتكنولوجيا، تجعلها أكثر جاذبية من أي وقت مضى”.
“صحيح، لن يكون لهذا تعبير علني ما استمرت الحرب وما دمنا نشهد الموجة العكرة المتمثلة بكراهية إسرائيل. لكن هذا لا يعني أن الاتصالات ستتوقف. إذا كنتِ تريدين مثالاً على ذلك، فانظري ما حصل في مجال التجارة بين إسرائيل ودول المنطقة في 2024 رغم الحرب”.
شيريت افيتان كوهن
إسرائيل اليوم 11/9/2025