السياسي – مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024، يتأثر المشهد الجيوسياسي بشكل متزايد بالعودة المحتملة لدونالد ترامب إلى البيت الأبيض. إن قرارات السياسة الخارجية لإدارته لها آثار كبيرة على الصراعات الجارية، لا سيما في غزة وأوكرانيا. في خطاب ألقاه مؤخرا في مؤتمر الحزب الجمهوري، أوجز ترامب وجهات نظره حول هذه الصراعات، مؤكدا أن قيادته كانت ستمنع الأزمات الحالية ووعد بحلول سريعة إذا أعيد انتخابه.
يستكشف هذا المقال النتائج المحتملة لهاتين الحربين في ظل رئاسة ترامب، ويدرس استراتيجياته المقترحة والآثار الأوسع نطاقا على السياسة الخارجية الأمريكية.
فلسفة السياسة الخارجية لدونالد ترامب
غالبًا ما اتسمت السياسة الخارجية لدونالد ترامب بنهج “أمريكا أولاً”، مع التأكيد على المصالح الوطنية ونظرة معاملاتية للعلاقات الدولية. قد أدت هذه الفلسفة إلى تفضيل المفاوضات المباشرة على الاتفاقات المتعددة الأطراف، وغالبا ما تهمش الحلفاء التقليديين والمعايير الدبلوماسية الراسخة. وإن فهم هذا الإطار ضروري لتحليل كيفية تعامله مع الصراعات في غزة وأوكرانيا.
الصراع في غزة
لقد أثار الصراع في غزة، وخاصة بعد تصاعد العنف في عام 2023، اهتمامًا وإدانة دولية. وأسفرت العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد حماس عن خسائر كبيرة في الأرواح وأزمات إنسانية. وقد دعمت إدارة بايدن “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها” بينما دعت أيضًا إلى تقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين. ويزداد الوضع تعقيدا بسبب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الأوسع، الذي له جذور تاريخية عميقة وينطوي على قضايا تتعلق بالأرض والهوية والتطلعات الوطنية.
وجهة نظر ترامب
في خطابه الأخير، زعم ترامب أنه لو كان لا يزال في منصبه، لما شنت حماس ولا روسيا هجماتهما. وشدد على علاقاته القوية مع قادة العالم، مشيرا إلى أن نهجه الدبلوماسي كان سيردع مثل هذا العدوان. وكرر ترامب دعمه الثابت لإسرائيل، منتقدًا إدارة بايدن بسبب ما يراه من افتقار إلى الدعم القوي.
1 ـ دعم إسرائيل: انتقد ترامب بايدن لتقييده الأعمال العسكرية الإسرائيلية، مؤكدا أنه تحت قيادته، كان سيسمح لإسرائيل باتخاذ إجراءات حاسمة ضد حماس. ودعا إلى السماح لإسرائيل “بإنهاء المهمة”، مشيرا إلى اعتقاده بأن الرد العسكري القوي ضروري لحل الصراع.
2 ـ الحوافز الاقتصادية: رغم عدم ذكرها صراحة في خطابه، فإن النهج التاريخي لترامب يشير إلى أنه قد يقترح حوافز اقتصادية لكل من الأراضي الإسرائيلية والفلسطينية، بهدف تعزيز بيئة أكثر استقرارا مواتية لمفاوضات السلام.
3 ـ عزل حماس والجماعات الأخرى: قد يسعى ترامب إلى عزل حماس دبلوماسيا، والضغط من أجل الاعتراف الدولي ب “وضعها الإرهابي” والدعوة إلى اتخاذ موقف أقوى ضد الجماعات التي تهدد أمن إسرائيل. وقد يشمل ذلك حشد الدعم من الدول العربية لمعارضة حماس بشكل جماعي.
4 ـ امكانية التصعيد: على العكس من ذلك، إذا تم اعتبار سياسات ترامب مواتية بشكل مفرط لإسرائيل، فقد يؤدي ذلك إلى تفاقم التوترات في المنطقة. وإن الافتقار إلى التعامل المتوازن مع القيادة الفلسطينية قد يؤدي إلى المزيد من العنف وعدم الاستقرار، حيث قد تشعر حماس والفصائل الأخرى بأنها محاصرة وتلجأ إلى تكتيكات أكثر عدوانية.
الصراع في أوكرانيا
لقد شهدت الحرب في أوكرانيا، التي بدأت بضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014 وتصاعدت بشكل كبير في عام 2022، مشاركة أمريكية كبيرة في ظل إدارة بايدن. وقدمت الولايات المتحدة مساعدات عسكرية ودعما ماليا ودبلوماسيا لأوكرانيا ، بهدف مواجهة روسيا ودعم سيادة أوكرانيا. وقد أدى الصراع إلى أزمة إنسانية، مع نزوح ملايين الأوكرانيين وتدمير البنية التحتية على نطاق واسع.
وجهة نظر ترامب
تعهد ترامب بحل الصراع في أوكرانيا “بسرعة كبيرة” إذا أعيد انتخابه، مؤكدًا أنه قادر على التفاوض على اتفاق سلام في غضون 24 ساعة. ولكنه لم يقدم تفاصيل محددة حول كيفية التوصل إلى هذا الحل السريع.
1 ـ المفاوضات مع روسيا: ألمح ترامب إلى استعداده للدخول في مفاوضات مع بوتن، مشيرا إلى أنه قد يقنع أوكرانيا بتقديم تنازلات إقليمية. ويتماشى هذا مع التقارير التي تشير إلى أن ترامب قد يدعم تخلي أوكرانيا عن السيطرة على مناطق مثل شبه جزيرة القرم ودونباس مقابل السلام.
2 ـ انتقاد استراتيجية بايدن: انتقد ترامب تعامل بايدن مع حرب أوكرانيا، مدعيا أن سياسات الإدارة الحالية أدت إلى تفاقم الوضع. وأشار إلى أن نهج بايدن أدى إلى صراع طويل الأمد، مما زاد من مخاطر نشوب حرب أكبر.
3 ـ خفض المساعدات الأمريكية: قد تسعى إدارة ترامب إلى خفض أو اشتراط المساعدات العسكرية لأوكرانيا، بحجة أن الحلفاء الأوروبيين يجب أن يتحملوا حصة أكبر من العبء المالي. قد يضعف هذا القدرات العسكرية لأوكرانيا في وقت حرج عندما تواجه خصمًا عدوانيًا.
التداعيات على السياسة الخارجية الأمريكية
ومن المرجح أن تؤدي العودة المحتملة لترامب إلى الرئاسة إلى تحول كبير في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، لا سيما فيما يتعلق بدورها كزعيم عالمي ووسيط في الصراعات.
وإن سياسة ترامب “أمريكا أولا” قد تشكل ضغطا كبيرا على التحالفات التقليدية، وخاصة داخل حلف شمال الأطلسي. وقد تؤدي انتقاداته السابقة لحلفاء الناتو لعدم وفائهم بالتزامات الإنفاق الدفاعي إلى توترات تؤثر على ترتيبات الأمن الجماعي في أوروبا. وقد يشجع هذا التحول خصوما مثل روسيا والصين، ويغير ميزان القوى في الجغرافيا السياسية العالمية.
كما أن قرارات ترامب في السياسة الخارجية سيكون لها صدى محلي، وقد يؤدي نهجه إلى استقطاب الرأي العام، حيث يدعم بعض الأمريكيين موقفا أكثر انعزالية بينما يدعو آخرون إلى استمرار المشاركة الدولية. وقد يؤثر هذا الانقسام على استعداد الكونغرس في تمويل المساعدات الخارجية والدعم العسكري، مما يؤثر على قدرة الولايات المتحدة على الاستجابة بفعالية للصراعات العالمية.