بدون أدنى شك، فإن قيادات حماس خارج قطاع غزة ليست على صلة بنتائج العدوان والإبادة الجماعية بقطاع غزة، خاصةً أن هذه القيادات عملت منذ سنوات على تنظيم حياتهم خارج فلسطين، في بيروت وتركيا وماليزيا وقطر والجزائر وموسكو ودول أخرى، حيث يمتلك قيادات حركة حماس ملايين الدولارات، ولديهم مؤسسات وشركات تجارية وعقارات في العديد من دول العالم.
لذلك، المفاوضات لا تجري من أجل الهدنة ووقف إطلاق النار، بل حول مستقبل قيادات حماس ما بعد “طوفان الأقصى”. قرار حماس برفض الهدنة المقترحة لا يتعلق بمضمون الاتفاق، ولكن بسيناريو جديد يقدم حماس كالقوي والمنتصر، من أجل تحسين صورتها أمام العالم بعد نتائج العدوان والإبادة الجماعية بقطاع غزة.
حركة حماس حريصة على تقديم نفسها كبديل عن منظمة التحرير الفلسطينية للإدارة الأمريكية. فقد قدمت سلسلة من التنازلات خلال الاجتماعات مع مدير المخابرات الأمريكية السيد ويليام بريز في فترة الإدارة الأمريكية السابقة، وخلال فترة المفاوضات الحالية مع المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، حيث طلبت حماس أن يتم إعلان وقف إطلاق النار من قبل الرئيس ترامب، وأن تتم المصافحة بين نائب رئيس حركة حماس السيد خليل الحية مع المبعوث الأمريكي السيد ستيف ويتكوف.
لذلك، يُعتبر موقف حماس منذ اللحظات الأولى للاتفاق على الهدنة وتصريحاتها بأنها تدرس المقترحات بدقة، والتصريحات المتضاربة بين القبول والرفض، يأتي في إطار مناورة سياسية متفق عليها، خاصة بعد تصفية قيادات حماس العسكرية داخل قطاع غزة، والمفاوضات حول خروج من تبقى من بعض القيادات والكوادر خارج قطاع غزة.
فإن قرارات قيادات حماس في الخارج أصبحت ضمن السيطرة، خاصة في قطر، ولذلك ما يتم من مناورة سوف يؤدي في النهاية إلى قبول حماس بالهدنة.
والسؤال المطروح: لماذا تتمسك الإدارة الأمريكية الجديدة بحركة حماس، خاصة بعدما فقدت السيطرة على قطاع غزة؟ لماذا هذا الموقف الأمريكي المنحاز لحركة حماس؟
في تقديري، إن موقف الدول الأوروبية، والتي تستعد للمؤتمر الدولي في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، سوف يؤدي إلى الاعتراف بدولة فلسطين، ويتم إعادة طرح الاعتراف بدولة فلسطين في مجلس الأمن الدولي.
الإدارة الأمريكية برئاسة الرئيس ترامب ليست بصدد الاعتراف بدولة فلسطين على أساس حل الدولتين، وفقًا لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية، حيث يتعارض ذلك مع “صفقة القرن”، والتي سبق أن أُزيل فيها حل الدولتين من خلال نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، واعتبار القدس الموحدة عاصمة للدولة اليهودية، وفقًا لصفقة القرن.
كما قامت حكومة نتنياهو بزيارة المستوطنات في الضفة، ولم تسمح لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) بالقيام بدورها في الضفة الغربية ومخيماتها، والقدس، بعد قرار المنع من قبل الكنيست الإسرائيلي، إضافة إلى قرار بنسبة 92-100% برفض الدولة الفلسطينية من قبل الكنيست.
كذلك رُفض السماح بعودة السلطة الفلسطينية لإدارة قطاع غزة من قبل نتنياهو، وفي نفس الوقت لم تسمح الإدارة الأمريكية بتوزيع المساعدات من خلال السلطة الفلسطينية، ولم يتم الحديث عن دور السلطة من كلا الجانبين: الإدارة الأمريكية و”إسرائيل”.
وفي نفس الوقت، لم يتم إشراك السلطة الفلسطينية في المفاوضات التي تتعلق بالهدنة ومستقبل قطاع غزة. حيث رفضت منظمة التحرير الفلسطينية صفقة القرن، ورفضت أيضًا المشاركة في “ورشة البحرين”، ورفضت كذلك المحاولات الأمريكية لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة.
لذلك، ستبقى حماس في مقاعد الاحتياط في انتظار سيناريو جديد لحل القضية الفلسطينية، وفقًا لمخطط رئيس الإدارة الأمريكية، دونالد ترامب.
وعليه ، سوف يتم تثبيت وقف إطلاق النار بقطاع غزة خلال فترة قصيرة.