“نريد من أميركا وقفة رجولة.. وقفة لله”.. هذا ليس كلامنا، وإنما منطوق سنة 2013 بلسان أهم شخصية مثيرة للجدل كانت على رأس “جماعة الاخوان القطبيين” سنة 2013 وهو الشيخ يوسف القرضاوي، موجها مطلبه للرئيس باراك أوباما (الديمقراطي) للوقوف مع جماعة الاخوان المسلمين في سوريا ضد نظام عائلة الأسد.
ثم أتى الاخواني خالد مشعل – رئيس المكتب السياسي للفرع المسلح للإخوان في فلسطين بالخارج المسمى “حماس” – بعد اثنتي عشرة سنة، ليطالب الادارة الأميركية القائمة الآن برئاسة الجمهوري دونالد ترامب، المختلف نهجه وسياساته عن سلفه الديمقراطي بمئة وثمانين درجة! بذات ما طالب القرضاوي به.
والسؤال الآن: ألا يعرف مشعل الاختلاف الجوهري بين سياسة الرئيسين ترامب واوباما؟! بالتأكيد، لكنه ما زال يعتقد بأن الدولة العميقة ما زالت ترى جماعة الاخوان (كحصان طروادة)، ونقدر أن مشعل الذي يحاول تقمص دور (الحرباء المتلونة) يعلم تفاصيل المهمة الموكلة لجماعة الاخوان في مصر العربية خلال حكم الرئيس الاخواني محمد مرسي لمصر، قبل ان تكشفها وزيرة الخارجية في عهد اوباما هيلاري كلينتون في كتاب مذكراتها، ودور حماس في سياق مشروع “دويلة إسلامية” في سيناء المصرية تتلاقى مع “دويلة حماس” في قطاع غزة، لتكون الدولة الفلسطينية البديل، وأن المال المحول شهريا لسلطة الأمر الواقع والانقلاب (جماعة حماس)، كانت تصل لجماعته في غزة تباعا محمولة في صناديق عربات جهاز الأمن العام الاسرائيلي “الشاباك”، بقرار من رئيس حكومة منظومة الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي غض الطرف عن بناء بنيتها العسكرية، كضمانة لمنع قيام دولة فلسطينية، وصولا ليوم تكتمل فيه الوقائع والذرائع لتغيير وجه الشرق الأوسط.
وفعلا حصل على (الطوفان) كما صمم أن يكون، أقر بلسانه: “لو لم يكن السابع من اكتوبر 2023 لم يكن لدينا الشرعية المحلية والدولية لنفعل ما نفعله الآن”.
واليوم يتوج مشعل مجموعة رسائل تذكيرية مرئية ومسموعة، أرسلها موسى أبو مرزوق وخليل الحية وباسم نعيم مباشرة عبر وسائل الاعلام لنتنياهو وواشنطن، يمكن تلخيصها بأربع كلمات: ” نحن هنا تحت أمركم”! ولن نفاجأ في يوم ما أنهم قد بعثوا برسائل تفصيلية سرا لمن يهمه الأمر! أو قد أسمعوها لمن اجتمع بهم، عندما غلبهم الظن أنهم سيبقون” ورقة الجوكر”التي قد تغير مسار اللعبة في اللحظة الأخيرة ، وهذا – حسب تقديراتنا – لا يحسب ضمن اغلب الظن ، لأن خطوط الأهداف الاستراتيجية المشتركة بين (جماعة الاخوان القطبية) و(جماعة الاخوان الصهيونية الدينية) ما زالت ساخنة.
ويكفي الاستدلال عليها من ملخص تصريحات بنغفير وسموتريتش: “حماس مفيدة لنا” فهذه الرسائل (التصريحات الاعلامية) بالونات اختبار، لقياس طبيعة ومستوى ردة الفعل ليس عند جمهور حماس وحسب ، بل عند دولة وقوى وفصائل المحور الايراني أولا!
فخالد مشعل بعد أن استجدى الادارة الأميركية بوصفه العقل البراغماتي، يستعيد خطاب القرضاوي، وإن بمفردات مختلفة، فطالب الادارة الاميركية الاعتراف بحماس كنظام جديد لدولة فلسطين، أسوة بقراراتها وسياساتها تجاه الرئيس السوري أحمد الشرع ورسالته تحتمل قراءتين: الاولى- اعادة التذكير بثقة منظر الجماعة القرضاوي العالية بواشنطن، دفعته لمطالبة ادارة اوباما حينها “بوقفة لله”! واستعداد حماس لأن تبقى الثقة كما بدأت منذ تأسيس الجماعة في صورة الخادم.
أما الأخرى فقد تكون محاولة لاستكشاف موقف واشنطن ونتنياهو، من امكانية ترشحه لانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني والرئاسة الفلسطينية، ومدى الاستعداد لدعمه كخادم لتثبيت اركان الاستراتيجية التي سيكون على اساسها الوجه الجديد للشرق الأوسط !… ليته يفعلها حصان جماعة الاخوان الأخير في فلسطين .. فحينها ستقوم “الخسائر التكتيكية”، ستثور أرواح آلاف الشهداء ومن قبورهم ومن تحت الركام وجلهم أطفال ونساء ليأخذوه مخفورا الى محكمة التاريخ لتطبيق عدالة الوطن والانسانية بالحق.






