السياسي – نشر موقع “دروب سايت نيوز” حوارا حصريا مع رئيس حركة حماس في الخارج خالد مشعل، تناول فيه موقف الإدارة الأمريكية من حركة حماس والحرب الإسرائيلية على غزة، وتحدث عن رؤيته لاتفاق وقف إطلاق النار ومستقبل الصراع.
وقال خالد مشعل في الحوار إنه إذا أراد الرئيس الأمريكي تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط، عليه أن يضع حدا للتدخل الإسرائيلي في سياسة واشنطن تجاه فلسطين، مضيفا أن على الولايات المتحدة أن تنخرط في مفاوضات مباشرة مع حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى، بهدف إقامة علاقات ثنائية ودية ومتوازنة.
وتابع مشعل: “للأسف، إحدى مشكلات الإدارة الأمريكية أنها تقدم مصالح إسرائيل على مصالح الولايات المتحدة نفسها. حتى أن أنصار ترامب من حركة ماغا أدركوا أن إسرائيل تشكل عبئا يقيّد المصالح الأمريكية ويضر بها. أدعو الشعب الأمريكي وإدارته إلى الحكم وفق مصالح أمريكا لا مصالح إسرائيل”.
وأضاف: “إذا نظروا إلينا ولو لحظة بإنصاف وحياد، سيرون أن الشعب الفلسطيني واقع تحت الاحتلال وله الحق في المقاومة، ما لم تتدخل أمريكا لإجبار إسرائيل على الانسحاب، وهو ما سنشكرها عليه. حين يتخلى عنك العالم، لا خيار أمامك سوى مقاومة المحتل حتى تُرغمه على الانسحاب”.
هدنة طويلة الأمد
وجدد مشعل تأكيده على أن حماس مستعدة للدخول في اتفاق هدنة طويل الأمد مع إسرائيل، يتضمن التزام الحركة بتخزين أسلحتها ووقف جميع العمليات العسكرية ضد إسرائيل. كما أشار إلى أن حماس على استعداد للعمل عن قرب مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي لتهيئة بيئة أمنية مستقرة داخل غزة، بما يتيح إعادة إعمار القطاع، ويمهد لإجراء انتخابات ديمقراطية، ويخلق الظروف السياسية اللازمة لمفاوضات بشأن مستقبل الدولة الفلسطينية.
وقال مشعل: “العقلية الأمريكية البراغماتية، واهتمام الرئيس ترامب الحقيقي بتحقيق الاستقرار وعدم بقاء غزة جرحا نازفا يقلق العالم ويؤلم الضمير الإنساني، يمكن أن يفتح فرصة للاستقرار. وحماس تقدم هذه الفرصة بضمانات حقيقية وسجل من الالتزام”.
وشدد مشعل على أن حركة حماس ما تزال طرفا سياسيا محوريا في الداخل الفلسطيني، وقد تولت إدارة غزة منفردة طوال عقدين، وهو واقع ينبغي على الرئيس ترامب أخذه في الاعتبار. وأوضح أن الحركة عرضت التخلي عن الحكم لصالح لجنة تكنوقراطية من شخصيات فلسطينية مستقلة، لكنه حذر من أن أي محاولة لحظر مشاركة المنتسبين لحماس في جهود الاستقرار وإعادة البناء داخل القطاع ستكون خطوة غير مجدية وتأتي بنتائج عكسية.
وأضاف مشعل: “أي محاولة لإقامة سلطة غير فلسطينية داخل غزة هي أولا مرفوضة، وثانيا محكوم عليها بالفشل. فأي سلطة أو قوات أجنبية داخل غزة سيعتبرها الفلسطينيون سلطة احتلال، وهذا سيخلق تلقائيا حالة من الصراع، لأن الفلسطينيين لن يقبلوا بها. كيف يرفضون الاحتلال الإسرائيلي ثم يقبلون شكلا آخر من الاحتلال الأجنبي؟”.
وأكد مشعل أن اللحظة الراهنة تمثل فرصة للولايات المتحدة وأوروبا لإعادة صياغة نهجهما تجاه الشرق الأوسط، موضحا أن الفلسطينيين ليسوا ضد المصالح الأمريكية بل ضد التدخل ودعم دولة الاحتلال. وأشار إلى استعداد الشعب الفلسطيني للانفتاح على أمريكا وأوروبا والعالم، لكنه شدد على رفض الاحتلال أو الوصاية، واعتبر أن من مصلحة الغرب إحداث تحول جذري في التعامل مع فلسطين كما حدث مع نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
وأشار مشعل إلى موقف ترامب من أحمد الشرع، القيادي السابق في تنظيم القاعدة الذي تحول إلى زعيم للمعارضة السورية ثم تولى رئاسة سوريا في كانون الثاني/ يناير، وقال إن على الولايات المتحدة أن تنتهج مسارا مشابها مع القادة السياسيين الفلسطينيين.
وأضاف: “لماذا تمنح الإدارة الأمريكية هذه الفرصة لأحمد الشرع ولا تمنحها لحماس وفصائل المقاومة الفلسطينية؟ بل إنها لا تمنحها حتى اليوم لمحمود عباس، الذي لا يتهم بالإرهاب. من مصلحة الولايات المتحدة والعواصم الغربية الانخراط الإيجابي مع حماس ومع الشعب الفلسطيني، لأننا نمثل المستقبل، وهذا الاحتلال سيصبح جزءا من الماضي”.
وأعرب مشعل في الحوار عن أمله في الإفراج عن البرغوثي، وأن تتاح له فرصة الانخراط في النضال الوطني والعمل السياسي، مؤكدا أن حماس لها الحق في تقديم المرشح الذي تراه مناسبا.
وعند سؤاله عما إذا كانت مواقف الدول العربية والإسلامية تمثل خيانة للقضية الفلسطينية، أجاب مشعل بلهجة دبلوماسية، معتبرا أن هذه الدول تحاول لعب دور في دعم الشعب الفلسطيني والوقوف إلى جانب قضيته أو وقف الحرب، لكنها أيضا تراعي مصالح اقتصادية وصفقات سلاح واعتبارات استراتيجية أخرى.
وأضاف أن الرئيس الأمريكي هو بالأساس رجل أعمال، لذلك فإن بعض الدول تسعى لبناء علاقات معه تخدم مصالحها أو تحميها من مغامراته وتحركاته المفاجئة، مشيرا إلى أن هذا الوضع يضعف بلا شك الموقف العربي والإسلامي لوقف الحرب.
ورغم الغضب الفلسطيني من ضعف تدخل الدول العربية والإسلامية ضد الإبادة الإسرائيلية، فقد شدد مشعل على أن الولايات المتحدة وحدها تملك النفوذ لوقف العدوان الإسرائيلي، حيث لا يوجد طرف آخر في العالم قادر على إلزام إسرائيل بتنفيذ التعهدات، بمن في ذلك الأوروبيون.






