في تمام الساعة الثانية والنصف فجراً بتوقيت طهران، تحولت أعماق جبل فوردو إلى هدف مباشر لصواريخ خارقة، معلنة دخول الولايات المتحدة مرحلة جديدة من المواجهة مع البرنامج النووي الإيراني. لم تكن هذه ضربة عابرة أو رسالة دبلوماسية، بل عملية عسكرية دقيقة وجريئة حملت اسم “مطرقة منتصف الليل” (Operation Midnight Hammer)، لتعيد رسم قواعد الردع في الشرق الأوسط.
ففي أكبر مهمة عملياتية لقاذفات B-2 في تاريخها، شنت الولايات المتحدة هجوماً محكماً استهدف ثلاث منشآت نووية محصنة في عمق الأراضي الإيرانية: فوردو، نطنز، وأصفهان. استخدمت القوات الأميركية قنابل خارقة للتحصينات (Massive Ordnance Penetrator – MOP) تزن الواحدة منها 30 ألف رطل، إلى جانب صواريخ توماهوك أُطلقت من غواصات متخفية في بحر العرب.
هذه الضربات لم تكن “غارات تأديبية” بل خطوة استراتيجية لتدمير أو تعطيل البنية التحتية النووية الإيرانية لعقد مقبل.
تراكم التوترات
العملية لم تأتِ من فراغ، بل جاءت بعد تصعيد نووي إيراني غير مسبوق، إذ تجاوزت طهران نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 60%. إضافة إلى دعم طهران لوكلائها العسكريين في العراق وسوريا والبحر الأحمر، والرد على قصف قنصليتها في دمشق بإطلاق أكثر من 300 صاروخ وطائرة مسيرة على إسرائيل في أبريل الماضي.
تحت إدارة ترامب الثانية، قرر البيت الأبيض أن “الردع الاستراتيجي لا يُستعاد إلا بالقوة”، فكان القرار بشن ضربة لا تترك مجالًا للغموض أو التأويل.
إيران بعد الضربة
المنشآت التي استُهدفت تشكل عمقاً استراتيجياً للبرنامج النووي الإيراني، وتشير التقديرات الأولية إلى أن العملية حيّدت القدرة الإيرانية على تخصيب اليورانيوم العالي لسنوات عدة.
ردّت إيران بهجوم صاروخي محدود على إسرائيل، مع المحافظة على “مستوى مدروس من الغضب”، ما يدل على عدم رغبتها في الانزلاق إلى حرب مفتوحة حالياً. لكن برنامجها النووي مرن، قادر على التكيّف تحت الأرض وتحت الضغط، وقد تلجأ طهران إلى خطوات أكثر سرية وعدوانية في المستقبل.
ثلاثة سيناريوهات مرعبة
1. الاحتواء المؤقت: تقبل إيران الضربة كأمر واقع وتعود إلى المفاوضات من موقع أضعف.
2. التصعيد الإقليمي: تستخدم طهران أذرعها العسكرية في اليمن ولبنان والعراق لاستنزاف المصالح الأميركية والإسرائيلية.
3. الانعزال النووي: تعيد إيران بناء منشآت سرية بديلة خارج رقابة المجتمع الدولي، مما يمهد لجولات جديدة من الاستهداف.
ترامب وخطاب المطرقة
بعد العملية، ألقى الرئيس دونالد ترامب خطاباً متلفزاً وصف فيه الضربة بأنها “أنجح عملية عسكرية دقيقة في تاريخ الردع النووي الأميركي”، معلناً أن منشآت فوردو وأصفهان ونطنز “لم تعد موجودة عملياً”.
لم يكن الخطاب مجرد إعلان نصر عسكري، بل كان بياناً إستراتيجياً شاملاً تميز بنبرة ثقة مطلقة وغياب المهادنة، حيث قال: “لقد تحدثنا كثيراً… الآن، حان وقت أن يسمعوا صوت المطرقة.”
أربع نقاط رئيسية في الخطاب:
حسم وقوة بلا اعتذار: اعتُمد القرار السيادي لحماية المصالح الأميركية والعالم من خطر نووي وشيك.
إيران بلا ردع: “لم نعد ننتظر حتى تكتمل القنبلة… نحن نوقف الزمن قبل أن ينفجر.”
لا تغيير نظام لكن لا حصانة أيضاً: أي رد إيراني سيقابل بأضعاف القوة التي شاهدتموها.
السلام عبر التفوق العسكري: مبدأ “اضرب أولاً، ثم فاوض من موقع أقوى” يتصدر السياسة الخارجية الأميركية.
الشرعية الدولية
من منظور القانون الدولي، لا تملك واشنطن تفويضاً من مجلس الأمن لتنفيذ الضربة. لكنّها استندت إلى “حق الدفاع عن النفس” بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، مبررةً العملية كإجراء استباقي لتجنب تهديد وجودي.
وهنا يُطرح سؤال فلسفي: هل ننتظر القنبلة لتنفجر كي نُسمّي الرد قانونياً؟ أم أن منعها، وإن بكلفة عالية، هو الخيار الأقل ضرراً؟
كلمة الختام
“مطرقة منتصف الليل” ليست اسماً رناناً فقط، بل هي إعلان بأن عصر الصبر الأميركي الطويل انتهى. واشنطن تؤكد أنها لا تزال قادرة على الفعل والحسم والتأثير. لكن يبقى السؤال الأصعب: هل أوقفنا ساعة الصفر النووية؟ أم أننا فقط أخّرناها… إلى منتصف الليل القادم؟ ساعة ستحدد مصير الشرق الأوسط والعالم.