معارك الشمال السوري تدخل مرحلة كسر العظم

السياسي – تشهد المعارك في شمال سوريا تصعيدًا كبيرًا مع دخول الجيش التركي على خط المواجهة ضد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في خطوة تعكس تغيرًا جذريًّا في إستراتيجية أنقرة بعد تراجع فاعلية الفصائل المسلحة الموالية لها، التي تعرضت لخسائر كبيرة على الأرض؛ ما أدخل المنطقة في مرحلة أشبه بـ”كسر العظم”.

وفقًا لخبراء ومحللين إستراتيجيين، جاء تدخل الجيش التركي في محاولة للتقدم نحو سد “تشرين” ومدينة “عين العرب” (كوباني)، بعد فشل الفصائل السورية الموالية لأنقرة في تحقيق نتائج ملموسة ضد “قسد”.

ويقول الدكتور جميل شاهين، مدير مركز فيريل للدراسات في برلين، إن هذه الفصائل لم تكن على مستوى الجاهزية العسكرية لمواجهة قوات سوريا الديمقراطية التي تمتلك تجهيزات وتسليحًا متفوقًا؛ ما دفع أنقرة إلى التدخل المباشر لتعويض الخسائر وإعادة السيطرة على الأوضاع.

ويعزو شاهين ضعف أداء الفصائل إلى نقص الثقة من الجانب التركي، الذي لم يقدم لها الدعم العسكري الكافي أو التدريب اللازم لاستخدام الإمدادات التي تم تسليمها مؤخرًا. وأضاف أن الجيش التركي يهدف من تدخله إلى توجيه ضربات قوية لـ”قسد” لمنعها من تحقيق مكاسب جديدة على الحدود السورية التركية، والتي تعتبرها أنقرة تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، خاصة مع مخاوفها من سعي “قسد” لإنشاء دولة كردية.

-التنسيق مع واشنطن

يرى شاهين أن التحرك العسكري التركي قد يكون جزءًا من تنسيق غير معلن مع واشنطن، بهدف الضغط على “قسد” لإبداء مرونة أكبر في المفاوضات المتعلقة بدمج قواتها ضمن الجيش السوري الجديد الذي يتم تشكيله في دمشق.

ومع ذلك، تبقى هذه الفرضية محل جدل في ظل العلاقات المتوترة بين الأطراف المختلفة في المشهد السوري.

-عودة داعش
من جهته، يرى الباحث السياسي مروان حداد أن التصعيد الأخير يعكس غياب أي استعداد للوصول إلى تفاهمات سياسية بين تركيا و”قسد”، خاصة في ظل تقارير تتحدث عن عودة نشاط تنظيم داعش في مناطق شمال شرق سوريا.

ويشير حداد إلى أن هذا التصعيد قد يفاقم الوضع الأمني، مع تزايد تعقيد المشهد العسكري والسياسي على الأرض.

-رهانات أنقرة
يؤكد حداد أن فشل الفصائل المسلحة الموالية لأنقرة في تغيير المعادلة على الأرض، دفع تركيا للتدخل العسكري المباشر لفرض أمر واقع جديد.

ويرى أن هذا التدخل يعكس رغبة أنقرة في تقويض قوة “قسد” بشكل كامل، سواء عبر المواجهة المباشرة أو من خلال “صفقة” مستقبلية مع السلطة في دمشق، تضمن تصفية وجود “قسد” داخل الجيش السوري الجديد.

-مرحلة حاسمة

مع استمرار التصعيد، يبدو أن المنطقة دخلت مرحلة غير مسبوقة من الصراع، حيث تسعى تركيا إلى تأمين حدودها ومنع “قسد” من تعزيز تمركزاتها، في وقت تخوض فيه “قسد” معركة وجودية للحفاظ على مكتسباتها.

وبينما تستمر التحركات العسكرية، يبقى مستقبل الشمال السوري مرهونًا بقدرة الأطراف الدولية والإقليمية على الوصول إلى تسويات سياسية توقف نزيف الحرب، الذي يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة بأكملها.

تابعنا عبر: