ألغت محكمة استئناف أمريكية اتفاق إقرار الذنب الذي أبرمه الادعاء مع خالد شيخ محمد، المتهم بأنه العقل المدبر لهجمات 11 أيلول/سبتمبر، والذي كان سيتيح له تجنب عقوبة الإعدام وهو المتهم بانه العقل المدبر للهجمات حيث القي القبض عليه في باكستان عام 2003.
القرار جاء بعد تدخل وزير الدفاع السابق لويد أوستن، الذي أكد أن الأمريكيين يستحقون رؤية محاكمة علنية للمتهمين. وتعيد هذه الخطوة القضية إلى دائرة الجدل القانوني، وسط مطالبات عائلات الضحايا بمحاكمة عادلة وشفافة.
وقالت القاضيتان باتريسيا ميليت ونيومي راو اللتان وافقتا على الطعن مقابل رفض قاض ثالث، إن أوستن “تصرف في حدود سلطته القانونية، ونحن نرفض التشكيك في حكمه”.
اقر بالذنب تجنبا للاعدام
وأعلن عن اتفاقات إقرار الذنب مع شيخ محمد ومتهمين آخرين هما وليد بن عطاش ومصطفى الهوساوي في أواخر تموز/يوليو من العام الماضي.
وبدا حينها أن هذه الاتفاقات ستدفع بقضاياهم نحو الحل عقب سنوات من المراوحة في إجراءات ما قبل المحاكمة، وبينما هم يقبعون في سجن قاعدة غوانتانامو العسكرية في كوبا. لكن أوستن سحب الاتفاقات بعد يومين من إعلانها، قائلا إن القرار يعود له بالنظر إلى أهمية القضايا.
اضاف لاحقا أن “عائلات الضحايا وأفراد جيشنا والجمهور الأمريكي يستحقون فرصة رؤية محاكمات عسكرية في هذه القضية”.
وحكم قاض عسكري في تشرين الثاني/نوفمبر بصحة اتفاقات الإقرار بالذنب وإلزامية تنفيذها، لكن الحكومة استأنفت القرار.
وألغى قضاة محكمة الاستئناف الجمعة “أمر القاضي العسكري الصادر في 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 الذي يمنع وزير الدفاع من الانسحاب من اتفاقات ما قبل المحاكمة”.
ويعد خالد شيخ محمد من أبرز مساعدي أسامة بن لادن قبل القبض عليه في آذار/مارس عام 2003 في باكستان.
وبعدها أمضى ثلاث سنوات في سجون الـ”سي آي إيه” السرية قبل نقله إلى غوانتانامو عام 2006.
والمهندس الذي زعم أنه العقل المدبر لهجمات 11 أيلول/سبتمبر “من الألف إلى الياء” كان متورطا أيضا في سلسلة مخططات كبرى ضد الولايات المتحدة التي درس في جامعاتها.
من هو خالد شيخ محمد؟
خالد شيخ محمد عرف أنه مخطط عملياتي لتنظيم القاعدة، خطط لبعض العمليات الإرهابية الأكثر شهرة للمنظمة، وأبرزها هجمات 11 سبتمبر على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في عام 2001.
في عام 1983، انتقل شيخ محمد إلى الولايات المتحدة وتحديدا إلى جامعة نورث كارولينا الزراعية والتقنية الحكومية، وحصل على درجة في الهندسة الميكانيكية في عام 1986. بعد التخرج، سافر إلى أفغانستان، حيث يُعتقد أنه تلقى تدريبا عسكريا أثناء الاحتلال السوفييتي، بحسب موسوعة بريتانيكا.
“مؤامرة بوجينكا” النووية
ورغم أنه أعلن مسؤوليته عن تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك عام 1993، إلا أن محمد لفت الانتباه الدولي لأول مرة بسبب مشاركته في ما يسمى بـ”مؤامرة بوجينكا”، وهي خطة أعدها ابن شقيق محمد، رمزي يوسف.
وكان المتآمرون المتمركزون في مانيلا بالفلبين يهدفون إلى تفجير 11 طائرة ركاب متجهة إلى الولايات المتحدة عبر المحيط الهادئ بقنابل لا يمكن اكتشافها. وتضمنت عناصر أخرى من المؤامرة هجمات على بابا الفاتيكان، يوحنا بولس الثاني، والرئيس الأميركي بيل كلينتون، ومحطات الطاقة النووية المدنية.
واكتشف المسؤولون الفلبينيون المؤامرة في يناير 1995 عندما اندلع حريق في شقة مانيلا حيث كان يوسف وشريكه عبد الحكيم مراد يصنعان القنابل. وعندما عاد مراد إلى الشقة، ألقي القبض عليه. وفر يوسف من البلاد ولكن قبض عليه في باكستان في فبراير 1995 وسلّم إلى الولايات المتحدة، بحسب المعهد الملكي للخدمات المتحدة للدراسات الدفاعية والأمنية.
من الفلبين إلى الولايات المتحدة
اعتمدت الخطة المقترحة لمؤامرة بوجينكا، اختطاف طائرة واستخدامها كصاروخ لمهاجمة مقر وكالة الاستخبارات المركزية. وعرض خالد هذه الخطة على أسامة بن لادن في عام 1996، مع اقتراح استخدامها لمهاجمة أهداف رمزية في الولايات المتحدة.
ويُعتقد أن بن لادن وافق على الخطة في وقت ما في أواخر عام 1998 أو أوائل عام 1999، وانضم خالد رسميا إلى تنظيم القاعدة.
وبدأ خالد، إلى جانب بن لادن ومحمد عاطف، تجميع فرق الخاطفين. وفي أوائل ديسمبر 1999، عقد محمد اجتماعا تعليميا مع 3 من عملاء القاعدة الذين سينفذون هجمات الـ11 من سبتمبر، بحسب الموسوعة البريطانية.
تخطيط 11 سبتمبر لم يكن الأول
وبعد تلك الهجمات، ارتفعت مكانة خالد داخل تنظيم القاعدة بشكل كبير، إذ شارك في عمليات إرهابية أخرى ضد الولايات المتحدة، بما في ذلك محاولة “تفجير” طائرة الخطوط الجوية الأميركية بواسطة حذاء مفخخ، والتي أحبطها الركاب في الـ 22 من ديسمبر 2001.
كما يُنسب لخالد شيخ محمد أنه نفذ عملية إعدام مراسل صحيفة وول ستريت جورنال دانييل بيرل في عام 2002، وهو الادعاء الذي تأكدت صحته بعد اعترافه الذي نشرته صحيفة نيويورك تايمز.
وفي أوائل عام 2003 خطط محمد لشن هجوم على مطار هيثرو في لندن، لكن الولايات المتحدة وحلفائها أحبطوا الخطة.
كيف جرى القبض على “مخطِط أحداث 11 من سبتمبر”
في الأول من مارس 2003، وبناء على معلومات استخباراتية، نفذت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية غارة مشتركة مع المخابرات الباكستانية، على مكان تواجد خالد في راولبندي بباكستان هو ومصطفى الهوساوي.
ولخطورة خالد، قررت الاستخبارات المركزية الأميركية نقله عبر أماكن عدة بين أوروبا وآسيا، ليصعب تتبعه من أنصاره، قبل نقله لمقره الأخير بسجن غوانتانامو، بحسب مذكرة بحثية نشرتها جامعة كنت البريطانية، وكانت الأماكن كالتالي:
7 مارس 2003: نقل من أفغانستان لبولندا
7 مارس 2003 – 22 سبتمبر 2003: الاحتجاز في موقع سري لوكالة الاستخبارات المركزية ببولندا.
22 سبتمبر 2003 – 5 أكتوبر 2005: نقل خالد من بولندا لرومانيا في موقع سري لوكالة الاستخبارات المركزية.
6 أكتوبر 2005 – 25 مارس 2006: الاحتجاز، في موقع سري لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، ليتوانيا.
26 مارس 2006 – 5 سبتمبر 2006: العودة لموقع سري لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في أفغانستان.
5 سبتمبر 2006 – حتى الآن: يُحتجز محمد في سجن غوانتانامو.