لا شك أن حرية الإنسان حق مصون، ولا يجوز احتجاز المدنيين العُزّل خلال الحروب.
وقد نجح الكيان الصهيوني، عبر وسائل الإعلام والفضائيات، في تسليط الضوء على قضية المحتجزين الإسرائيليين، ومطالبة المجتمع الدولي بإعادتهم إلى أسرهم، في مشهد يغلب عليه الطابع الإنساني من جانبٍ واحد فقط.
لكن الرواية الإسرائيلية بقيت، وعلى مدار عامين من العدوان والإبادة الجماعية في قطاع غزة، تركز على المحتجزين الإسرائيليين، متجاهلة الجرائم البشعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال، والتي أسفرت عن استشهاد أكثر من 66 ألف فلسطيني، وإصابة أكثر من 175 ألفًا، إضافة إلى آلاف المعتقلين، معظمهم من المدنيين.
ولم يتناول الإعلام العالمي الضغوط والانتهاكات التي مورست بحق الفلسطينيين، بما في ذلك التعذيب الجسدي والنفسي، والاعتداءات الجنسية التي طالت رجالًا ونساء، بالإضافة إلى اختفاء آلاف المدنيين خلال العدوان، بل وصل الأمر إلى دفن جرحى أحياء بجوار الشهداء في محيط مستشفى الشفاء، في ظل خروج العديد من المستشفيات عن الخدمة نتيجة القصف الإسرائيلي الممنهج.
وكأن الإنسان يُقسَّم إلى درجات، تُحترم إنسانيته إن كان إسرائيليًا، وتُهدر إن كان فلسطينيًا.
المستغرَب أن الحديث عن “إعادة المحتجزين الإسرائيليين” لا يترافق مع أي اهتمام دولي حقيقي بـآلاف الأسرى والأسيرات الفلسطينيين في سجون الاحتلال، والتي تشبه في طبيعتها معسكرات الجستابو النازية من حيث الانتهاكات، حيث يُمارس الكيان الصهيوني أساليب التنكيل والاعتقال الجماعي، في كل من غزة والضفة الغربية والقدس، دون أسباب جوهرية، أحيانًا لمجرد حيازة هاتف محمول يحتوي على منشورات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
هذا السلوك العنصري العدواني يشكل انتهاكًا صارخًا لأبسط حقوق الإنسان، وعلى رأسها حرية الرأي والتعبير.
ومن المؤسف أن تُغفل وسائل الإعلام العالمية الحديث عن معاناة هؤلاء الأسرى، رجالًا ونساءً، ممن آمنوا بالحرية والاستقلال وإنهاء الاحتلال.
لذلك، حين يتم التطرق إلى ملف المفاوضات بشأن المحتجزين الإسرائيليين، يجب بالمقابل طرح ملف الأسرى الفلسطينيين، وهم بالآلاف، من مختلف مناطق قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، بينهم أطفال ونساء وكوادر مدنية.
علمًا أن المحتجزين الإسرائيليين أنفسهم هم من الجنود والضباط وأفراد الاحتياط في جيش الاحتلال، وليسوا مدنيين كما يُروّج إعلاميًا.
نأمل أن تتحقق العدالة للفلسطينيين، وأن يُنصفهم العالم كما أنصف غيرهم.