من أين تبدأ عملية إعادة إعمار قطاع غزة؟

د. ماهر تيسير الطباع

“” خبير ومحلل اقتصادي “”

تعتبر عملية إعادة إعمار قطاع غزة مهمة معقدة وطويلة الأمد نتيجة للدمار الشامل الذي حدث خلال عامين من الحرب الشرسة الضروس التي حرقت الأخضر واليابس وبلغت نسبة الضرر في كافة القطاعات حوالي 90%، وقدرت الخسائر الأولية بحوالي 70 مليار دولار، وقد تستغرق عملية إعادة إعمار ما تم تدميره عدة عقود،

ولا تبدأ عملية الإعمار بخطوة واحدة محددة بقدر ما تبدأ بتهيئة الظروف السياسية والأمنية والتمويلية، تليها مراحل عملية محددة ومتعددة ويمكن تلخيص نقطة البداية والمراحل الأولية على النحو التالي:

المسار السياسي والترتيبات الأمنية وهما يعتبران نقطة البداية الحاسمة حيث انهما يمثلان حجر الزاوية وعصب بداية عملية إعادة إعمار حقيقية تتمثل في النقاط التالية:

وقف العدوان بشكل دائم والتوصل إلى اتفاق مستدام لوقف إطلاق النار يضمن البدء قي عملية الإعمار مع ضمانات دولية بأن لا تعود الحرب مجددا وألا تقوم إسرائيل بتدمير ما تم إعماره من جديد.

وجود إطار سياسي وإداري مقبول من كافة الأطراف لإدارة الإعمار وضمان أن أموال المانحين لا يتم تدميرها في جولات قتال لاحقة، وهذا يشمل عودة الشرعية الفلسطينية والتوصل إلى تفاهمات حول إدارة قطاع غزة تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية.

تسهيل دخول مواد البناء بشكل حر والتمويل عبر المعابر، والعمل على إنهاء القيود التي تفرضها إسرائيل، مثل “آلية إعادة إعمار غزة – GRM” المثيرة للجدل والتي عطلت عملية الاعمار بعد حرب 2014.

و لتوحيد جهود عملية إعادة الإعمار وعدم حدوث أي تضارب في المشاريع يجب إنشاء هيئة وطنية خاصة مستقلة لإعادة إعمار قطاع غزة بإشراف الرئاسة الفلسطينية و الحكومة الفلسطينية ، ممثلة من القطاع العام والخاص وكافة الجهات ذات الاختصاص ، وذلك للتنسيق و الاشراف على كافة مشاريع إعادة الاعمار ، و التجهيز بشكل سريع لعقد مؤتمر دولي للمانحين و التحضير الجيد لعقد مؤتمر للمستثمرين العرب و الأجانب لحثهم على الاستثمار في قطاع غزة و إطلاق حملة عربية و دولية لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال الاسرائيلي على مدار السنوات السابقة في قطاع غزة , وتعويض كافة المتضررين في كافة المجالات خلال السنوات السابقة و تنفيذ برنامج عاجل و فوري لتوفير منازل بديلة للسكن المؤقت للذين تدمرت منازلهم بشكل كامل و أصحاب المنازل التي اصبحت غير صالحة للسكن , وتقديم إغاثة عاجلة للشركات و المصانع و المحال التجارية التي تدمرت بشكل كلى وجزئي.

مرحلة الإغاثة والإنعاش الفوري:
إزالة الأنقاض والركام الهائل حيث تشير التقديرات الأممية والتحليلات المستندة إلى صور الأقمار الصناعية إلى أن الحرب خلفت ورائها ما يزيد عن 61 مليون طن من الأنقاض والركام، وقد تستغرق إزالتها عدة سنوات.

الاستجابة للاحتياجات الإنسانية العاجلة من توفير المأوى المؤقت، الغذاء، المياه النظيفة الصالحة للشرب، التعليم، والرعاية الصحية الفورية.

إعادة تأهيل المرافق الأساسية الحيوية بشكل عاجل إصلاح شبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء والاتصالات المتضررة بشكل بالغ.

مرحلة التخطيط والتمويل:
عقد المؤتمرات الدولية للمانحين لحشد التمويل الضخم اللازم لعملية الإعمار (التي تقدر بحوالي 70 مليار دولار).

وضع خطط تفصيلية وشاملة لإعادة الإعمار تشمل المنازل المدمرة، والبنية التحتية، والمؤسسات التعليمية والصحية والخدماتية وكافة المنشات الاقتصادية في مختلف القطاعات.

ويبقى المؤشر الحقيقي لبدء عملية إعمار جادة هو إدخال كافة أنواع مواد البناء بدون قيود أو شروط أو اليات كما حدث بعد حرب 2014 حيث تم فرض الية إعادة الاعمارGRM لإدخال الأسمنت ومواد البناء وتوسعت لتشمل العديد من السلع الممنوع دخولها إلا بإذن خاص ، وأدت الألية في حينة الى بطئ شديد في عملية إعادة الأعمار، وهذا يتطلب وجود دور فاعل للدول التي وقعت على اتفاق إنهاء الحرب بغزة و المجتمع الدولي والمؤسسات والمنظمات الدولية ورعاه السلام واللجنة الرباعية من خلال ممارسة الضغط الحقيقي على إسرائيل من أجل فتح كافة معابر قطاع غزة أمام حركة الأفراد والبضائع والعمل على إنهاء حصار قطاع غزة بشكل فوري، وذلك لتجنيب قطاع غزة من كارثة اقتصادية، اجتماعية، صحية، بيئية.