من يقود حركة غولن بعد وفاة مؤسسها

السياسي – منذ رحيل فتح الله غولن، في تشرين الأول / أكتوبر الماضي، في منفاه بولاية بنسلفانيا، الأمريكية، وتعيش الجماعة التي أسسها في حالة غموض حول مستقبل حركته في ظل التحديات التي تواجهها بعد قطيعة تامة مع النظام التركي، ووصفها بأنها منظمة إرهابية.

وتشير تقارير إعلامية وبحسب “سي إن إن”، يوجد فراغ كبير وخلاف على من يقود الحركة عقب وفاة غولين، وهناك العديد من الأسماء مثل مصطفى أوزكان وجودت توركيولو وعبد الله أيمز، الذين يتمتعون بنفوذ كبير داخل الحركة.

ورغم إدراجهم ضمن قائمة “الإرهابيين الأكثر طلبًا” في تركيا، إلا أن أيًا منهم لا يملك الجاذبية الكافية لخلافة غولن بشكل كامل، وفق محللين.
ووفاة غولن بعد أن قضى عقودًا في منفاه بالولايات المتحدة، مما ترك فراغًا قياديًا كبيرًا في الحركة، خلال سنواته الأخيرة، أدار مجلس تنفيذي شؤون الحركة، وهو هيكل قد يستمر بعد وفاته، لكن غياب شخصية مؤثرة مثله قد يؤدي إلى انقسامات داخلية وتراجع في فاعلية الحركة.

وغياب القيادة المركزية بعد وفاة غولن يزيد احتمالية حدوث انشقاقات داخلية، فبعض الأعضاء يفضلون التركيز على العمل الخيري والتعليمي، بينما يرى آخرون ضرورة التمسك بالطموحات السياسية السابقة.

-من يقود الجماعة؟
وأكدت التقارير الإعلامية أن “مجلسا تنفيذيا” يتولى إدارة الجماعة قبل وفاة غولن مع تدهور صحته، وأن هذا المجلس سيبقى على رأس الشبكة.

وأكد مصدر أن المجلس “يقوم بواجبه بنشاط، فيما ترددت شائعات عن صراع على الزعامة بعد وفاة غولن، حيث ورد ذكر العديد من الأسماء المؤثرة داخل الشبكة بمن في ذلك مصطفى أوزكان وجودت توركيولو وعبد الله أيمز لقيادتها للجماعة.
-بداية الحركة
وبدأت حركة غولن في ستينيات القرن الماضي بمبادرات صغيرة تهدف لتوفير السكن والخدمات التعليمية للطلاب في تركيا، وهي رؤية مستوحاة من قناعات غولن الدينية بضرورة تمكين الشباب من خلال التعليم، وسرعان ما توسعت هذه المبادرات إلى شبكة واسعة من المدارس، التي قدمت تعليمًا عالي الجودة وجذبت طلابًا من جميع أنحاء العالم.

وفي الثمانينيات والتسعينيات، أصبحت هذه المدارس مرادفًا للتميز الأكاديمي، مما منح الحركة شعبية واسعة في تركيا وآسيا الوسطى، وخاصة في الدول ذات الجذور الثقافية واللغوية المشتركة مع تركيا.

ومع النجاح المحلي، امتدت أنشطة الحركة إلى أكثر من 160 دولة، ركزت على بناء مدارس في أفريقيا وآسيا الوسطى والبلقان، حيث استغلت هذه المؤسسات قوتها الناعمة لتجنيد أعضاء جدد وتعزيز نفوذها الثقافي والسياسي، بلغ عدد المدارس التي أنشأتها الحركة أكثر من 1000 مدرسة عالميًا، مما جعلها لاعبًا عالميًا في التعليم.

-العلاقة مع النظام التركي
كانت علاقة فتح الله غولن بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان في بدايتها ودية، إذ دعمته الحركة سياسيًا واجتماعيًا، وفي المقابل، منح النظام الحركة حرية العمل، مما ساهم في توسعها داخل تركيا وخارجها.

في 2013، بدأت الخلافات تظهر بعد قضايا فساد طالت مسؤولين حكوميين بارزين، وصلت العلاقة إلى مرحلة اللاعودة مع محاولة الانقلاب في 2016، حيث اتهمت الحكومة التركية غولن بالوقوف وراءها، رد النظام بفصل 150 ألف موظف حكومي، واعتقال 500 ألف شخص، وسجن 30 ألفًا، وتصنيف الحركة كمنظمة إرهابية.
-تحديات الوجود الدولي بعد الانقلاب
-التراجع في النفوذ التعليمي
بعد محاولة الانقلاب، استهدفت الحكومات الدولية، بناءً على طلب تركيا، المدارس التابعة لحركة غولن، وأدى ذلك إلى إغلاق العديد من المدارس، خاصة في أفريقيا وآسيا الوسطى، أو انتقال إدارتها إلى جهات أخرى.

وفي أفريقيا، أُغلقت مدارس الحركة في دول مثل السنغال وتشاد ومالي، كما تقلص في آسيا الوسطى، وجودها إلى حد كبير، مع إغلاق مؤسساتها في دول مثل أوزبكستان وتركمانستان.

-الملاحقات القانونية والدبلوماسية
تواصل الحكومة التركية جهودها لملاحقة أعضاء الحركة دوليًا من خلال التعاون مع الدول الصديقة. أدى ذلك إلى تقليص النشاط العلني للحركة، مما أجبرها على العمل في السرية.

-تفكك البنية التنظيمية وفقدان الحاضنة الشعبية
بعد محاولة الانقلاب في 2016، تضررت البنية التنظيمية للحركة بشكل كبير بسبب الملاحقات القضائية والإقالات الجماعية التي طالت مئات الآلاف من أعضائها، وأُجبر العديد من أتباعها على مغادرة البلاد أو التخفي، ما أدى إلى ضعف قدرتها على العمل بشكل موحد. كما أن الحركة فقدت شعبيتها داخل تركيا بعد اتهامات الإرهاب، مما أدى إلى تراجع الدعم الشعبي الذي كان أحد أعمدة قوتها في السابق.
نتيجة لإغلاق العديد من المدارس والمؤسسات التابعة لها داخل تركيا وخارجها، تعاني الحركة من أزمة مالية خانقة. الاتهامات المتكررة بوجود أجندات خفية وفساد مالي أضعفت ثقة المتبرعين والداعمين، مما أثر سلبًا على قدرتها على تمويل أنشطتها ودعم أعضائها.

– تغير الهوية الثقافية لأتباع الحركة
على الرغم من جذور الحركة الإسلامية، تواجه تحديًا داخليًا يتمثل في تغير الهوية الثقافية لأجيالها الجديدة، فمع تشتت أعضائها في مختلف الدول، بدأ أبناء الأعضاء المؤسسين يميلون نحو العلمانية والقيم الثقافية الغربية، وهو ما قد يؤدي إلى تآكل الرؤية الدينية التي كانت الحركة تعتمد عليها كقاعدة أيديولوجية.

-التوترات داخل “المجلس التنفيذي”
على الرغم من نفي الحركة وجود صراعات كبيرة داخل المجلس التنفيذي الذي يدير شؤونها، إلا أن مصادر عدة تشير إلى وجود خلافات حول التنوع والتمثيل الإقليمي داخل القيادة. تُثار أسئلة عن سبب عدم وجود أعضاء من مناطق غير تركية، مثل إفريقيا أو جنوب آسيا، وهو ما يعكس تحديًا محوريًا يتعلق بشمولية الحركة واستراتيجيتها المستقبلية

شاهد أيضاً