لاقى تجمع عدد محدود من الأشخاص المحسوبين على تنظيم الماك الانفصالي الجزائري في قاعة صغيرة بالعاصمة الفرنسية باريس، لإعلان “الاستقلال المزعوم” لمنطقة القبائل عن الجزائر، موجة من الاستهزاء والتندر للخطوة الاستعراضية لهذا التنظيم والتي قوبلت برفض جارف في منطقة القبائل بالجزائر.
وشهد اللقاء، الذي جرى امس الأحد، بقيادة فرحات مهني، حضورًا محدودًا من أنصار الحركة الانفصالية، إلى جانب عناصر من ما يسمى بـ“حكومة القبائل في المنفى”، حيث تم الترويج لإعلان أحادي الجانب عن قيام كيان أطلق عليه منظمو التجمّع تسمية “الجمهورية الفيدرالية للقبائل”
ووفق صحيفة القدس العربي اللبندنية فقد جاء هذا الإعلان في ظروف تنظيمية مرتبكة، بعدما منعت السلطات الفرنسية تنظيم التجمع الذي كان مقررا بقصر المؤتمرات في فرساي، بقرار من محافظ مقاطعة “ليزفلين” الذي أصدر أمرا يقضي بحظر تنظيم المراسم المقررة لدواعٍ أمنية، وهو ما أفسد كل التحضيرات التي باشرتها الحركة الانفصالية منذ أسابيع، عبر الترويج لموعد الإعلان والدعوة إلى حضور شخصيات أجنبية وناشطين من الخارج.
وفي ردود الفعل على الصور التي بثها التنظيم الانفصالي المصنف على لوائح الإرهاب في الجزائر، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي، على نطاق واسع، تعليقات ساخرة تقابل الخطوة بكثير من التهكم والتشكيك في جديتها. وفي هذا السياق، سخر بعض المتابعين من مكان تنظيم اللقاء، معتبرين أن “إعلان الاستقلال من قاعة أفراح” يختزل الطابع الهزلي للمبادرة، فيما ذهب آخرون إلى التساؤل بسخرية عن الجهة التي يمكن التوجه إليها لاستخراج جواز سفر لما سُمي بـ“الجمهورية الجديدة”، في إشارة إلى غياب أي مؤسسات أو اعتراف فعلي بهذا الكيان المعلن.
وبموازاة هذا الفشل للانفصاليين الذي استقبل بارتياح في الجزائر، تواصل التجند داخل منطقة القبائل نفسها وفي الجزائر عموما، لرفض المشروع الانفصالي ونبذ أطروحاته. فقد صدر بيان مطول وقعه إعلاميون وأكاديميون وباحثون وناشطون ثقافيون، أكدوا فيه تمسكهم بالجزائر الواحدة الموحدة، واستحضروا ما وصفوه بالذاكرة النضالية الوطنية المشتركة، مشددين على أن نضال الحركة الثقافية الأمازيغية في الجزائر كان، عبر مختلف مراحله، نضالا وطنيا ثقافيا وديمقراطيا وهوياتيا، ولم يكن في أي وقت انفصاليا أو معاديا للوطن.
وذكّر الموقعون ومنهم أسماء معروفة مثل الباحث ناصر جابي والصحافي محمد إيوانوغان والكاتب عبد العزيز غرمول بأن هذا النضال انصب على إعادة الاعتبار للهوية الأمازيغية وترسيم اللغة الأمازيغية وترقيتها، إلى جانب العربية والإسلام، وترسيخ دولة القانون والحريات والعدالة الاجتماعية في إطار جزائر موحدة غنية بتعدديتها.
وكان فرحات مهني زعيم هذا التنظيم وهو في الأصل مغن وعضو سابق في الحركة الأمازيغية سنوات ثمانينيات القرن الماضي، قد تبنى طروحات انفصالية مع نهاية سنوات الألفين، ويقوم مشروعه في الأساس على التفرقة بين منطقة القبائل وبين الجزائريين، عبر الدق في إسفين الهوية والانتماء الأمازيغي، على الرغم من أن الدستور الجزائري حسم المسألة باعتماد الأمازيغية لغة وطنية ورسمية. ويثير فرحات مهني الذي صدرت في حقه عدة أحكام غيابية بالمؤبد في الجزائر، استهجانا واسعا في الجزائر بسبب علاقته مع إسرائيل التي قام بزيارتها وأعلن دعمها في عدة مرات سابقة.






