نتنياهو يتفوق على قادة العالم بالكذب

السياسي – يبرز بنيامين نتنياهو كحالة فريدة، تتجاوز حدود الديماغوجية التقليدية إلى مرحلة التضليل الممنهج . في عالمٍ يفيض بالكذب السياسي والتلاعب الإعلامي، لم يكن نتنياهو مجرّد سياسي يتقن فن الخطابة، بل أصبح رمزاً لسياسات تقوم على الوهم والخداع، سواء في تعامله مع الداخل الإسرائيلي، أو في علاقاته الخارجية، من واشنطن إلى موسكو، ومن العواصم العربية إلى طهران.
على مدى أكثر من عقدين، بنى نتنياهو مجده السياسي على روايات كاذبة: عن الأمن، عن السلام، عن الاقتصاد، بل حتى عن ذاته. وتكشف الوقائع المتراكمة، بما لا يدع مجالًا للشك، أن الرجل الذي يحكم إسرائيل اليوم هو أحد أكثر قادة العالم مراوغة وكذباً، دون أن يتحمل مسؤولية أكاذيبه التي كلّفت شعوباً كثيرة أثماناً باهظة.
وفي ظل تصاعد الانتقادات الدولية لسياسات إسرائيل في قطاع غزة، تتجه الأنظار بشكل متزايد إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي بات يُصنّف على نطاق واسع كأحد أكثر الزعماء تضليلًا في العالم، إن لم يكن الأكذب على الإطلاق، نظرًا لسجله الطويل من الأكاذيب التي تتكرر في خطاباته وتنعكس في سياساته.

منذ سنوات، اعتاد نتنياهو إطلاق تصريحات دعائية ومعلومات مضللة، سواء أمام شعبه أو على المنابر الدولية. أبرز تلك الأكاذيب ظهرت في خطبه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث عرض في أكثر من مناسبة خرائط وصورًا زعم أنها لمواقع نووية إيرانية سرية، ليتبيّن لاحقًا، وفق تقارير وكالة الطاقة الذرية وصحف غربية، أن المعلومات غير دقيقة أو تم اجتزاؤها لأغراض سياسية.
وفي حرب غزة الأخيرة، أكد نتنياهو مرارًا أن “الجيش الإسرائيلي لا يستهدف المدنيين”، رغم أن تقارير موثقة من هيومن رايتس ووتش وبتسيلم وأطباء بلا حدود تشير إلى استهداف مباشر للنساء والأطفال والمنشآت الطبية والإعلامية، وسقوط آلاف الضحايا من المدنيين.
نتنياهو لم يكتف بتضليل العالم بشأن غزة، بل سبق له أن كرر ادعاءات كاذبة عن استخدام حركة حماس للمستشفيات والمدارس كمراكز عمليات، وهي رواية فندتها تحقيقات أممية وتقارير صادرة عن لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة.

-تضليل داخلي وخارجي
لا يقتصر كذب نتنياهو على السياسة الخارجية، بل يمتد أيضًا إلى الداخل الإسرائيلي. خلال الأزمة المتعلقة بإضعاف القضاء، وعد بعدم المساس باستقلال السلطة القضائية، لكنه عاد وقاد حملة تشريعية مثيرة للجدل لتقويضها، ما أدى إلى واحدة من أعمق الأزمات السياسية في تاريخ إسرائيل.
صحيفة هآرتس الإسرائيلية وصفت نتنياهو مؤخرًا بأنه “المايسترو الأبرز للتضليل السياسي في تاريخ الدولة”، بينما نشرت صحيفة الغارديان البريطانية تحليلًا جاء فيه أن “زمن الأكاذيب المجانية قد انتهى، ونتنياهو بات يمثل مدرسة قائمة على الكذب الممنهج لخدمة مشروع أيديولوجي متطرف”.

-العزلة تتسع
هذا السجل من التضليل لم يعد يمر دون تكلفة. إذ بدأت عدة دول بمراجعة علاقاتها مع إسرائيل.
جنوب أفريقيا سحبت سفيرها، وبوليفيا قطعت العلاقات، بينما بدأت أصوات أوروبية تعلو للمطالبة بفرض عقوبات. حتى في الولايات المتحدة، الحليف الأقرب لإسرائيل، تتصاعد الانتقادات من أعضاء في الكونغرس وشخصيات بارزة في الحزب الديمقراطي، متهمين حكومة نتنياهو بالكذب وانتهاك القيم المشتركة.
وفي عصر الإعلام المفتوح، لم تعد الأكاذيب تمر بسهولة. بل بات انكشافها يقوّض مصداقية إسرائيل على الساحة الدولية، ويعجّل – بحسب محللين – بـ”انفضاض دولي متسارع” عنها، مع تراجع قدرة نتنياهو على التحكم بالسردية الرسمية كما كان يفعل في العقود الماضية.
-من الكذب إلى العزلة
في ميزان السياسة، تكرار الكذب وتضليل الرأي العام المحلي والدولي بات مكلفًا سياسيًا. فقدت إسرائيل جزءًا من رصيدها الدولي، ليس بسبب ممارساتها في الحرب فقط، بل لأن قادتها – وفي مقدمتهم نتنياهو – لم يعودوا يُصدَّقون.
وفي ظل اتساع الفجوة بين الرواية الرسمية الإسرائيلية والواقع الميداني، وتزايد تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية، يبرز بنيامين نتنياهو باعتباره اليوم، بلا منازع، الزعيم الأكثر كذبا في العالم.