تعتبر “إسرائيل” نفسها فوق القانون الدولي، بعد ما قامت به من عدوان وإبادة جماعية في قطاع غزة، ومنع إدخال المساعدات الإنسانية للسكان، وسط عجز النظام الدولي عن فرض وقف لإطلاق النار، بسبب استمرار الولايات المتحدة في استخدام حق النقض (الفيتو)، والذي يمنح نتنياهو الضوء الأخضر للاستمرار في العدوان.
في ظل هذا الواقع، يغيب الموقف الرسمي العربي والإسلامي عن ممارسة أي ضغوط فعلية على رئيس الإدارة الأمريكية، دونالد ترامب، ولم تقم أي دولة عربية أو إسلامية بمقاطعة أمريكا أو “إسرائيل”، مما يعني – بشكل غير مباشر – منحهم تأشيرة الاستمرار في الجرائم ضد الفلسطينيين بقطاع غزة.
إضافة إلى ذلك، تصاعدت هجمات الاحتلال والمستوطنين في الضفة الغربية والقدس، دون أي رد حقيقي أو فاعل على الأرض من قبل العرب والمسلمين. وقد وسعت” إسرائيل” عدوانها ليشمل لبنان، من خلال عمليات اغتيال ممنهجة استهدفت قيادات من الصف الأول في حزب الله، عبر تعقب الهواتف وأجهزة الاتصال. وكانت أبرز هذه العمليات، اغتيال الشهيد صالح العاروري، نائب رئيس حركة حماس.
في المقابل، لم تكن هناك ردود موازية من المقاومة، لا من حزب الله ولا من الفصائل الفلسطينية، مما شجع الاحتلال على الاستمرار في تصعيده ليشمل سوريا، دون أي رد من النظام السوري، الذي اكتفى ببيانات الشجب والإدانة.
الأنظمة الرسمية العربية، رغم عقدها للقمم العربيةوالإسلامية، لم تمارس أي ضغط جاد على الإدارة الأمريكية لوقف الإبادة الجماعية، ولم توقف تدفق المال والسلاح والمعلومات للاحتلال الإسرائيلي، الذي يعمل كأداة وظيفية لخدمة المشروع الأمريكي والغربي في المنطقة.
لكن، ما جرى من مجازر في غزة، وتم نقله عبر شاشات الفضائيات، كشف الوجه الحقيقي القبيح لهذا الكيان، الذي يمارس القتل الجماعي والتطهير العرقي ضد شعب أعزل، تحت سمع وبصر العالم.
“إسرائيل” اليوم تتصرف وكأنها الحاكم الأوحد في المنطقة؛ تمارس القتل والاغتيال في لبنان، وتضرب الضاحية الجنوبية، وتواصل تدخلاتها في سوريا، وتدخل القرى وتفتش البيوت، وتفتعل الفتن الطائفية بين أبناء الشعب الواحد، وتستهدف الدروز، وتحاول فرض واقع جديد بالقوة.
لكن، هذه السلوكيات العدوانية سوف تولّد مقاومة جديدة، مسلّحة وشعبية، في كل أماكن الصراع، وقد تكون مختلفة في أشكالها وأساليبها.
ونتذكر جيدًا أن “إسرائيل” عام 1982، أرادت إبعاد المقاومة الفلسطينية مسافة خمسة وأربعين كيلومترًا عن حدود الزهراني. لكن شهيتها العدوانية دفعتها للوصول إلى بيروت، بهدف إخراج المقاومة من لبنان وفرض التطبيع. إلا أن الشعب اللبناني وقواه الوطنية والإسلامية، وعلى رأسها حزب الله، أجبروا الاحتلال على الانسحاب دون اتفاق.
ولا يعني اغتيال الشيخ حسن نصر الله، أو قيادات الصف الأول من حزب الله، أن المقاومة قد انتهت، كما تتوهم “إسرائيل”. كما أن الإبادة الجماعية في غزة لا تعني أن الشعب الفلسطيني سيرفع الراية البيضاء.
بل على العكس، ستنطلق من تحت الركام إرادة مقاومة جديدة، لرفض الاحتلال ومحاولاته في تهجير الفلسطينيين من كل فلسطين. وإن مقاومة الشعب الفلسطيني لن تتوقف، حتى إنهاء الاحتلال، وتحقيق الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس.