تتصارع القوى العالمية على سوريا حيث تتموضع القوات الأمريكية جنبا الى جنب مع القوات الروسية، وفي الإطار الإقليمي فإن عروض القوة والسيطرة المجبولة بالاطماع ما بين القوى الاقليمية تتقاسم الأرض السورية حيث لا ينكر أحد الدور الإيراني مقابل التركي. والدور الصهيوني الساعي للهيمنة الإقليمية وهو الدور الذي لم يتوقف عن قصف سوريا مرارا وتكرارًا كما يفعل من سنوات طوال في فلسطين كلها، ومؤخرًا بغزة ولبنان.
تم تقسيم سوريا بين القوى المذكورة ولم يبق للنظام (مع داعميه الطامعين) الا ما يقارب ثلث مساحة البلاد حتى أيام مضت!
لكل من الدول المذكورة مصالحها وللنظام مصالحه، كما الحال مع عشرات الفصائل سواء المدنية أو الاسلاموية منها المتطرفة ومنها المدعومة علنًا من “الاخوان المسلمين”، وكلها ينشد ودّ ليلى مفترضا أنه هو الخاطب المؤهل للزواج بها!
عندما اندلعت الثورة السورية المدنية (مارس 2011) ضد قسوة النظام الاستخباري واستبداد أجهزته وطغيانها كانت الاحلام باقتلاعه من جذوره مرتبطة بنموذج ثورة الياسمين في تونس (2010-2011م) ثم الثورة المصرية (25/1/2011م) ولكن حسابات البيدر تحتلف عن حسابات الحقل، ومن هنا تحول الربيع العربي عندما تسلق عرشه التطرف والمطامع الاقليمية والدولية الى خريف، ما أكد الأدوار الخارجية لتقسيم المنطقة العربية وتكسير اية امكانية لرفع الرأس في وجه سلطان المنطقة أي الإسرائيلي الحاكم سواء بالقوة والدعم الامريكي الذي لا ينتهي أو عبر اتفاقيات “ترامب-ابراهامهم” المشؤوم.
وعلى مدى أكثر من سنوات عشر تحاربت الأمة العربية في سوريا تدعم طرفا وتقصي طرفًا الى أن انسحبت بشهادة أقطاب الدعم ذاته، ثم ما كان من استقرلر الوضع على اقتسام البلاد الطيبة مع احتفاظ كل طامع باطماعه بسوريا وعلى الأرض! ولم يكن للنظام من حول ولا قوة الا عبر الدعم الذي طلبه من الإيراني والروسي وحزب الله ومليشيات شيعية أخرى حاربت تيارات التطرف الاسلاموي (المدعومة هي الأخرى) وتموضعت بعيدًا عن ضرورة الاصلاح السياسي والقانوني والمدني بإطار الحفاظ على الجمهورية العربية السورية، التي كانت المطلب الأساس للثوار الأوائل قبل الانحراف والانجراف للمعادلات الاقليمية، والدولية وعلى رأسها الفرح الصهيوني بتدمير سوريا الى الأبد.
نحن جميعًا سوريا ونحن جميعًا الشام أي فلسطين والأردن وسوريا ولبنان وأحيانًا تضاف العراق، ونحن شمال جزيرة العرب الذين كان تفتيتنا وتفكيكنا مسار حضاري استخرابي/استعماري، ثم معه صهيوني/امريكي طويل لهدف قطع كل الصلة التي لا تزول بين هذه المكونات شمال الجزيرة وجنوبها، وشرق العالم العربي وغربه (بكورده وأمازيغه) لأن قيامة هذا العملاق الحضاري العظيم بتنوعه دمار للهيمنة الاستخرابية الغربية التي منذ العام 1840 في مؤتمر لندن قررت زرع الكيان في القلب، وفلسطين هي القلب.
اليوم يطل مشروع التقسيم الامريكي الاسرائيلي للشام ثانية، ويأتي بوقت مشبوه جدًا اي بعد تحقيق التهدئة ووقف إطلاق النار في لبنان، وبترك فلسطين وغزة للريح العاتية، ما يؤكد ما قلناه بالسياق أن ضعف سوريا الفكر المدني والنظام الديمقراطي العروبي الحضاري بغض النظر عما يقال عنه، وضعف أوتخاذل الاسناد العربي لشامنا، وشمال الجزيرة العربية أدى لتحكم الأعاجم من جهة، كما فسح المجال للمعادلة الدولية أن تطيل أمد التقسيم والحرب وما إليه من إطالة أمد حرب الابادة في فلسطين.
دعنا نقول أنه ليس لفلسطين الا أمتها العربية والاسلامية معًا كما هو الامر مع سوريا، بلدنا، ومصر أم الدنيا، ومع الصومال والسودان وليبيا والمغرب… وكل الدول ذات القضايا في نطاق ما كان يسمى الأمة العربية، عربية اللسان القرآني والتنوع الحضاري الجميل، والمتميز بقيمه وأخلاقه ورسالته.
إن لم يستطع الفاعل العربي من جعل قيادته للأمة هو العامل الأساس فإننا سنظل وحدانًا أسرى لهجمات الغرب الاستخرابي بقيادة الإسرائيلي/الامريكي المتسيّد، مهما ظن البعض أنه يركض باتجاه التنمية (الوطنية) على حسب الجزء الآخر من الجسد (الامة) الذي مهما حاول البعض فصله عن مجمله ليعفي نفسه من المسؤولية لن ينجح. ولتكن البداية مع تحرك حاسم للسعودية وعبر الجامعة العربية التي تحتاج لطريقة تفكير مختلفة ولأدوات جديدة وعوامل إلزام وقوة ضغط هي ممكنة وكثيرة ومتوفرة.
6/12/2024م
فلسطين