إن “الأخبار والقصص” التوراتية ضمن “الإسرائيليات” هي تلك التي يستند لها البعض بثقة، خاصة بصلة ما بفلسطين والقضية الفلسطينية، لاسيما حين يرونها مكتوبة وواردة في بعض الكتب التراثية الاسلامية، ومنها ببعض تفاسير القرآن الكريم.
إن هذه الأخباروالقصص التوراتية التي يقرأها المسلم والمسلمة ببعض التفاسير، وفي التراث محشوة بالخرافات وتزوّر التاريخ وتطعن بالرواية الحقيقية للأحقية العربية والاسلامية في فلسطين ومجمل التاريخ، لذا كان لا بد الرجوع لأحد الكتب المهمة التي تشرح هذه “الإسرائيليات”، وتزيل الغمامة عن عيون بعض المسلمين، وهو كتاب الشيخ د.محمد حسين الذهبي المعنون: الاسرائيليات في التفسير والحديث، لنقتبس بعضًا من النقاط ، ونوضح رأي العالم الباحث الذي يعرض المسألة بإطارها العلمي الإسلامي.
“الإسرائيليات” هي الإدخالات التي تمت على التراث الإسلامي عبر الزمن من قبل الرواة أوالكتّاب اليهود -بعد الإسلام- في الرواية أو في التفاسير أو كتب الاحاديث سواء المتعلقة بالعقيدة المعلوم الفتوى بشأنها، أو غيرها. أوب”القصص والاخبار” وهي مربط الفرس لدينا كقضية فلسطينية تضع إطلالة على فلسطين وما حولها من قصص أسطورية وخرافات وأكاذيب توراتية ذات صلة باليهود الملّة، وصلة بقبيلة بني إسرائيل العربية المندثرة (وهي القبيلة التي لا صلة أوعلاقة عرقية لها بالمحتلين من يهود كل جنسيات العالم لفلسطين اليوم).
يذكر الشيخ د.محمد حسين الذهبي أستاذ علوم القرآن والحديث بالأزهر في كتابه: “أن القرآن-على صفائه ونقائه-والسنة-على سلامتها وصحتها-لم يسلما من عبث العابثين، فإذا بالقرآن وقد تسربت إليه أفهام سقيمة، وشرح الكثير من نصوصه بما لا يتفق والغرض الذي نزل من أجله، وإذا بالسنة وقد تطرق اليها الدخيل، والتبس الصحيح منها بالعليل، وكان الدافع لهذا كله أغراضًا سيئة، وأحقادًا ملأت قلوب الحانقين على الاسلام والمسلمين”- ص4-5، وحين يشير لتصنيف الإسرائيليات من حيث الصحة فإنه يقسمها الى صحيح وضعيف ومن الضعيف الموضوع (الموضوع يعني المزوّر).
يقول الشيخ الذهبي في رأيه أو فتواه بشأن”الإسرائيليات” عامة: “أن ما جاء موافقا لما في شرعنا صدّقناه، وجازت روايته، وماجاء مخالفًا لما في شرعنا كذّبناه وحرمت روايته إلا لبيان بطلانه، وما سكت عنه شرعنا توقفنا فيه: فلا نحكم عليه بصدق ولا يكذب، وتجوز روايته، لأن غالب ما يروى من ذلك راجع الى القصص والأخبار، لا الى العقائد والاحكام، وروايته ليست الا مجرد حكاية لهم كما هو في كتبهم أو كما يحدثون به بصرف النظر عن كونه حقًا أو غير حق”-ص52
يتعرض الشيخ الذهبي بالكتاب النفيس للإسرائيليات ومعناها وأقسامها، وأشهر رواة الإسرائيليات بالتاريخ الاسلامي ثم ينتقد بشدة الإسرائيليات في كتب التفسير، ثم ينتقدها بكتب الحديث مبينا الحق وما يجب على الأمة فعله، ويقول الشيخ الذهبي في ختام كتابه النفيس”بقي أن نقول إن كتب الحديث على اختلاف عصورها قد حوى بعضها من أباطيل الاسرائيليات شيئًا كثيرًا، وكذلك بعض كتب المواعظ التي تقوم على أحاديث الرقاق …(ص163)، ويضيف قائلًا: “أما كتب التفسير فقد حوت من الاسرائيليات كل عجيب وعجيبة، واستوى في ذلك تفاسير المتقدمين والمتأخرين، والمتشددين والمتساهلين على تفاوت بينها في ذلك قلة وكثرة كما اوضحناه سابقًا-ص 169” ليختم رحمه الله بالقول إن “واجب العلماء مهمة تجريد كتب التفسير من هذا الهشيم المركوم من الإسرائيليات-ص170 ”
نحن اليوم في عصر علم التاريخ المتجدد، وفي عصر علم الحجرعلم الآثار وما يتصل به من علوم أخرى كثيرة، وكتب وأسفار ودراسات كثيرة عميقة، حيث لا دليل على مرويات الغُزاة لفلسطين المستندة للتوراة (او التناخ) المليئة بالأكاذيب والتحريف والأساطير والغرائب والخرافات.
إن الإدخالات اليهودية المسماة بالإسرائيليات بالتفاسير، وذات الصلة بقضيتنا هي التي تدخل في بند”القصص والأخبار” “ليست الا مجرد حكاية لهم كما هو في كتبهم أو كما يحدثون به بصرف النظر عن كونه حقًا أو غير حق” على قول الشيخ الذهبي ما يعني ضرورة رجوعنا لعلماء التاريخ والآثار الموثوقين الكُثُر سواء من المسلمين أو العرب، أو اليهود المنصفين أو حتى الأجانب لتبيان الحق التاريخي.
والله الموفق والنصر لنا