في الوقت الذي تتصاعد فيه المظاهرات في قلب تل أبيب والمطالبة بلجنة تحقيق حول السابع من أكتوبر 2023، ورغم مرور قرابة شهرين على ما يسمى باتفاق وقف العدوان والإبادة الجماعية بقطاع غزة حيث عُقِد مؤتمر شرم الشيخ، فإن حكومة نيتنياهو والائتلاف الحاكم يصرّان على الاستمرار في العدوان بل والتصعيد بقطاع غزة، رغم إعادة المحتجزين الإسرائيليين وإعادتهم إلى أسرهم، وكذلك عودة الجثامين في غالبهم، ورغم عدم الإنصاف من حيث نتائج مؤتمر السلام في شرم الشيخ برعاية الرئيس دونالد ترامب.
وقبل ذلك تم وقف إطلاق النار في لبنان، وسقوط النظام السوري بحيث لم يعد هناك تهديد” لإسرائيل” من كافة الجبهات: سوريا ولبنان وقطاع غزة. فإن حكومة نيتنياهو تصرّ على الاستمرار في العدوان والاعتداءات المتكررة وعدم التزاماتها باتفاق وقف إطلاق النار والهدنة برعاية الإدارة الأمريكية، وتم تشكيل لجنة للإشراف على المرحلة الثانية من اتفاق شرم الشيخ.
وعلى صعيد لبنان، فإن الدولة اللبنانية قد التزمت بكافة بنود اتفاق وقف إطلاق النار، إلا أن حكومة نيتنياهو لم تتوقف عن الأعمال الإرهابية من خلال الاعتداءات اليومية في مختلف مناطق لبنان، بما في ذلك عملية الاغتيالات الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية واغتيال قيادات وكوادر من حزب الله اللبناني، إضافة إلى غارة إسرائيلية بعد منتصف الليل حيث تم استهداف أطفال في مخيم عين الحلوة بالقرب من مدينة صيدا الجنوبية، حيث استشهد 14 وأصيب العشرات.
كما لم تتوقف الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا: قتل واغتيالات واعتقالات وزجّهم في المعتقلات الإسرائيلية. نيتنياهو والائتلاف الحاكم غير معنيين بالالتزام بوقف العدوان، حيث يعتبرون أنفسهم فوق القانون الدولي، ويعتبر نيتنياهو نفسه زعيماً لشرق أوسط جديد. كل ذلك نتيجة غياب رؤية عربية إسلامية لمواجهة الهيمنة الإسرائيلية المتطرفة على الأمن القومي العربي، بل هناك دول لا تزال تتجاهل مخاطر الكيان الصهيوني الأمن والسيادة الوطنية وعلى مختلف الدول العربية والإسلامية باستثناء مصر حيث تحسب قدرة الجيش المصري
حيث تشكل قدرت مصر هاجس
للمؤسسة العسكرية والامنية “للاسرائيل ” .
ومن المؤسف أن يصبح خبر قيام “إسرائيل “بالاعتداءات على قطاع غزة والضفة الغربية ومخيماتها والقدس الشرقية خبراً عادياً ضمن نشرات الأخبار. وقد يبرر البعض بأن الاعتداءات اليومية على لبنان بسبب الادعاءات الإسرائيلية بأن حزب الله قد أدخل صواريخ وأسلحة من سوريا إلى لبنان، وهذا شيء يدعو للسخرية، حيث إن هذه الأكاذيب الإسرائيلية ترصد الأجواء اللبنانية بحيث أصبحت الطائرات الإسرائيلية لا تغيب عن مختلف أرجاء لبنان الشقيق.
وهذا يذكرنا بالعدوان على العراق الشقيق حين كان العدوان متكرراً وتنقله وسائل الإعلام، وما يزال الجيش العراقي رابع الجيوش على مستوى العالم. واليوم” إسرائيل” تستخدم نفس الأسلوب، حيث الاعتداءات الإسرائيلية اليومية بقطاع غزة تحت بند إطلاق النار من قبل كتائب القسام، والبعض تعجبه هذه الأسطوانة.
لندرك أن حكومة نيتنياهو تريد تهجير الفلسطينيين كهدف استراتيجي، وفي الوقت نفسه تريد البقاء في قطاع غزة تحت مسمى حماية المستوطنات الاستعمارية بغلاف غزة. وفي الوقت نفسه تعمل على إطلاق العنان للمستوطنين في الضفة الغربية، إضافة إلى الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية المحتلة وإقامة المستوطنات الاستعمارية في إطار مخطط اليمين الإسرائيلي لتهجير الشعب الفلسطيني.
حيث يواجه المشروع الصهيوني ديمغرافية فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي مناطق الاحتلال عام 1948. لذلك هناك موقف شمولي لدى مختلف الأحزاب الإسرائيلية برفض الاعتراف بدولة فلسطين وحل الدولتين، وبكل تأكيد ترفض فكرة الدولة الواحدة.
أمام موقف حكومة نيتنياهو الإرهابية، علينا جميعاً مسؤولية حماية الحقوق الوطنية للفلسطينيين وتفعيل الأمن القومي العربي في ظل التحديات الإسرائيلية الاستعمارية.





