السياسي – زعمت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، أن الرئيس السوري أحمد الشرع، كان يتعاون سرّا مع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة، منذ سنوات.
وادّعت الصحيفة في تقرير إن التعاون يعود للعام 2016، أي بعد الإعلان عن التحالف بنحو عامين، وحينها كان الشرع يتزعم “جبهة فتح الشام”، وهي الاسم الجديد حينها لـ”جبهة النصرة” عقب فك الارتباط بتنظيم القاعدة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين سوريين ودبلوماسيين غربيين — طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم التزامًا بالبروتوكول الدبلوماسي — قولهم إن هذا التعاون بدأ عندما سيطر الشرع على أراضٍ في شمال غرب سوريا كانت خاضعة لتنظيم الدولة، وإنه تطوّر تدريجيًا إلى تنسيق أمني أوسع مع التحالف.
ويقول أحد الدبلوماسيين الغربيين إن “العلاقة بدأت كترتيب ميداني محدود ضد داعش، لكنها اتخذت لاحقًا بعدًا سياسيًا واضحًا”.
وتأتي هذه المزاعم بعد الإعلان رسميا عن انضمام سوريا بقيادة الرئيس أحمد الشرع إلى التحالف الدولي ضد “داعش”.
-من سجين لدى أمريكا إلى زعيمٍ جديد في دمشق
كان الشرع محتجزًا لدى القوات الأمريكية في العراق في وقت سابق، قبل أن يؤسس الفرع السوري لتنظيم القاعدة. وتشير الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة كانت قد رصدت مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه حتى كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بعد أن تزعم هجومًا أطاح بالرئيس بشار الأسد.
وتلفت التقارير إلى أن مسيرة الشرع تمثل تحولًا لافتًا من قيادي جهادي سابق إلى رئيس يسعى الآن للتقارب مع واشنطن والتحالف الدولي في إطار الحرب على الإرهاب.
الشرع زار البيت الأبيض يوم الاثنين، حيث التقى بالرئيس دونالد ترامب في أول زيارة رسمية له إلى الولايات المتحدة. وأعلن وزير الإعلام السوري، حمزة المصطفى، في اليوم التالي، أن الرئيس وقّع إعلان تعاون سياسي مع التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وتشير الصحيفة إلى أن هذا الإعلان الرسمي يُنظر إليه كإضفاء طابع علني على علاقة كانت قائمة خلف الكواليس منذ أعوام.
-جذور تنظيم الدولة
نشأ تنظيم الدولة الإسلامية كفرع من تنظيم القاعدة في العراق، ثم تمدد إلى سوريا عام 2013 وسط الفوضى التي رافقت الحرب الأهلية هناك. وبقيادة أبو بكر البغدادي، سيطر التنظيم على أجزاء واسعة من سوريا والعراق في عام 2014، وأعلن قيام “الخلافة” من مدينة الرقة، داعيًا المقاتلين الأجانب إلى الانضمام إليه.
وفي أوج قوته، كان التنظيم يسيطر على مساحة تعادل تقريبًا مساحة بريطانيا، وارتكب فظائع بحق المدنيين ونفذ هجمات دامية في الشرق الأوسط وأوروبا.
لكن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة شن حملة عسكرية واسعة بمشاركة قوات سوريا الديمقراطية ذات الغالبية الكردية، وتمكن من استعادة الرقة في أكتوبر/تشرين الأول 2017. وفي مارس/آذار 2019، خسر التنظيم آخر معاقله في بلدة الباغوز قرب الحدود العراقية.
من الفوضى إلى التحالف ضد الإرهاب
تقول الصحيفة إن خلايا داعش ظلت نشطة في الصحراء السورية الشرقية، وواصلت تنفيذ هجمات متفرقة على القوات الحكومية وعلى وحدات كردية مدعومة من واشنطن.
كما تشير تقارير استخبارية إلى أن بعض قادة التنظيم، ومن بينهم البغدادي، لجأوا إلى مناطق المعارضة شمال غرب سوريا، حيث كانت هيئة تحرير الشام بقيادة الشرع تسيطر على الأرض.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2019، فجّر البغدادي نفسه خلال غارة أمريكية في إدلب، وهي المنطقة ذاتها التي كانت تخضع حينها لسيطرة جماعة الشرع.
وتقول نيويورك تايمز إن تلك الغارة شكّلت نقطة تحول؛ إذ بدأ الشرع بعد ذلك في الانفصال علنًا عن القاعدة وداعش، مقدّمًا نفسه كحليف محتمل للغرب في الحرب على الإرهاب.
-حرب جديدة على فلول التنظيم
منذ سيطرة الحكومة الجديدة على دمشق قبل نحو عام، واصلت القوات الأمريكية تنفيذ ضربات ضد عناصر تنظيم الدولة داخل سوريا، بالتنسيق — وفق الصحيفة — مع الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة.
-تهديد متجدد وولاءات جديدة
وتنقل نيويورك تايمز عن محللين في شؤون الإرهاب قولهم إن خطر تنظيم الدولة ما يزال قائمًا رغم الضربات الأخيرة. ففي يونيو/حزيران الماضي، هاجم انتحاري كنيسة مار إلياس في دمشق أثناء قداس، مما أسفر عن مقتل 25 شخصًا على الأقل.
واتهمت الحكومة التنظيم بتنفيذ الهجوم، وأعلنت لاحقًا اعتقال أعضاء الخلية المسؤولة عنه. وفي الوقت ذاته، أعلنت جماعة تُطلق على نفسها اسم “أنصار السنة” مسؤوليتها عن التفجير وسلسلة هجمات طائفية أخرى.
وتنقل الصحيفة عن خبراء أن “أنصار السنة” قد تكون فصيلًا منشَقًّا عن داعش، يسعى لتوسيع نفوذه في مناطق لا تزال هشّة أمنيًا.








