نيويورك تايمز: ترامب أساء لنفسه ولأمريكا و للإعلام في تملقه لولي العهد

السياسي – انتقدت صحيفة “نيويورك تايمز” أداء الرئيس دونالد ترامب في مؤتمره الصحافي المشترك بالبيت الأبيض مع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان يوم الثلاثاء، حيث احتقر فيه الإعلاميين في دفاعه وتملقه لضيفه القادم من السعودية.

وفي افتتاحية بعنوان: “لا، سيدي الرئيس لا يمكننا تركها كهذا”، قالت الصحيفة إن الحقائق الجيوسياسية، طالما فرضت على الولايات المتحدة التحالف مع قادة أجانب ارتكبوا أفعالا شنيعة. وكثيرا ما يتطلب دحر التهديدات الخارجية مساعدة دول لا ترقى إلى مستوى الديمقراطيات الليبرالية التي تحترم حقوق الإنسان.

وادعت الصحيفة إن المملكة العربية السعودية تعتبر اليوم مثالا واضحاً على ذلك. فلديها سجلٌ مقلق في مجال حقوق الإنسان، ولكنها شريك أمريكي مهم في مواجهة اعتداءات إيران وخطط بناء شرق أوسط أكثر استقرارا. واستدركت الصحيفة قائلة إن العمل مع شركاء غير مثاليين لا يعني أن على الولايات المتحدة التستر على أخطائهم والكذب بشأنها، كما فعل الرئيس ترامب يوم الثلاثاء.

وقالت إن إداء ترامب كان متملقا ومحرجا، أثّر على مكانة أمريكا الأقوى، وكان غفرانا للذنوب أكثر منه سياسة واقعية. وتقبّل ترامب براءة الأمير بن سلمان في جريمة قتل جمال خاشقجي، ووبّخ ماري بروس، من قناة إي بي سي نيوز، لسؤالها عن الجريمة.

وتوصل محقق من الأمم المتحدة وائتلاف من المنظمات غير الحكومية إلى استنتاجات مماثلة. وأشارت هذه التحقيقات إلى أن المسؤولين السعوديين قدموا روايات متضاربة عن جريمة القتل وأخفوا معلومات عنها. وفي النهاية، حققت المملكة مع عدد من أعضاء الدائرة المقربة للأمير محمد بشأن جريمة القتل.

وقالت “نيويورك تايمز” إن أداء الرئيس أثار القلق لثلاثة أسباب رئيسية.

أولا، أشار إلى أن الحقيقة غير ذات صلة، وتجاهل العمل الجاد الذي بذلته المخابرات الأمريكية في محاولة تحديد تلك الحقيقة. واستمر هذا الأداء في نمط طويل من الكذب لدى ترامب عندما يناسب ذلك مصالحه.

ثانيا، بيّض ترامب انتهاكا وحشيا لحقوق الإنسان، جريمة قتل خنقا، أعقبها تقطيع أوصال والتخلص من الجثة، ارتكبها فريق من العملاء السعوديين. ولا تملك الولايات المتحدة القوة لتخليص العالم من انتهاكات حقوق الإنسان. ومع ذلك، في أفضل حالاتها، نجحت هذه الدولة في دفع حلفائها نحو سلوك أفضل. على النقيض من ذلك، أشار ترامب هذا الأسبوع إلى أن الطغاة الأجانب يمكنهم القضاء على النقاد المزعجين دون القلق من الاستنكار الأمريكي.

ثالثا، أظهر الرئيس ازدراء صريحا لمبادئ حرية الصحافة المنصوص عليها في الدستور. فمن الناحية التقليدية، يدرك القادة الأجانب الذين يزورون البيت الأبيض أنهم لن يتمكنوا من تجنب الأسئلة الصعبة، كما هو الحال مع القادة الاستبداديين في وطنهم. وقد التزمت بروس، مراسلة إي بي سي نيوز، بهذا التقليد بسؤال من جزأين حول التعاملات التجارية لعائلة ترامب في المملكة العربية السعودية ودور الأمير في مقتل خاشقجي.

وبدون رد مقنع، رفض ترامب اتهام تضارب مصالحه، قبل أن يسيء إلى خاشقجي، “الكثير من الناس لم يعجبهم ذلك الرجل الذي تتحدثين عنه”، ودافع عن الأمير محمد قائلا: “لم يكن يعلم شيئا عن الأمر، ويمكننا ترك الأمر عند هذا الحد. ليس عليك إحراج ضيفنا بطرح سؤال كهذا”.

وقالت الصحيفة إن دور وسائل الإعلام في ديمقراطيتنا ليس تملق القادة الأجانب أو القادة الأمريكيين، بل طرح أسئلة مهمة، وأحيانا صعبة، ونشر الحقائق. وبصفته رئيسا، يبدي ترامب مرارا وتكرارا ازدراء لهذا المبدأ.

خلال الأسبوع الماضي وحده، وصف ترامب بروس بأنها “شخصية فظيعة”، وقال لمراسلة أخرى: “اهدأي يا خنزيرة”. ويشير سلوكه إلى أنه يفضل وسائل إعلام أمريكية تتصرف على غرار وسائل الإعلام السعودية المكممة والمتملقة إلى حد كبير.

وتعلق الصحيفة أن الأمير محمد دفع بلاده نحو مزيد من الحداثة والانفتاح بطرق مهمة، بما في ذلك توسيع نطاق حقوق المرأة والحد من نفوذ المتشددين الدينيين، ودفع المملكة العربية السعودية نحو مستقبل أكثر حرية، بحسب الصحيفة.