السياسي – ربما يعود سمحا روتمان لمشاهدة التلفزيون بلا خوف من إصابة “صاروخ نفسي” لرأسه. وسيتم إعفاء تالي غوتلب من إسكات عائلات الاسرى، “التي تخدم حماس”، وحتى نتنياهو لن يقلق أكثر من تهديد حياته. هذا الشر، الاسرى وعائلاتهم، سيختفي عن وجه الأرض إذا قررت هذه الحكومة الخبيثة الموافقة على “الحملة الشاملة” التي ستجلب “النصر المطلق” والنهائي والأبدي؛ فلن يكون هناك المزيد من الاسرى الذين سيلتقط “جهاز دعاية حماس” صورهم، ولن يكون المزيد من عائلات الاسرى التي تصرخ.
جميع الاسرى سيصبحون شهداء، وستتقلص عائلاتهم إلى ملف في قسم “عائلات التخليد والتراث” في وزارة الدفاع، وستختفي في حدادها الخاص. سيعود ميدان الاسرى ليكون جزءاً من “مقر فن هبيماه”، وسيكون الممثلون والمغنون معفيين من هذه السلبية المزعجة التي تتمثل في “ما رأيكم فيما يحدث للاسرى؟”، ولن تذكرنا إلا صور باهتة ملصقة بعناد على أعمدة الكهرباء واللوحات الإعلانية، بأنه كان هنا ذات يوم اسرى يمكن إنقاذهم. ولكن ما العمل؟ يجب أن تستمر الحياة. اجتزنا فرعون والكارثة، ألا نجتاز فقدان الاسرى؟
عندها نعود إلى الروتين المبارك الذي ستصبح فيه الحرب في غزة جزءاً منه. بين حين وآخر، في نهاية النشرات الإخبارية، وبعد تقرير عن جندي قتيل آخر، سيبشروننا بأن قواتنا نجحت في تخليص جثة اسير أخرى، ولم يبق الآن إلا 47، 48، 49 جثة فقط. سيؤكد الجيش الإسرائيلي أنه “سيواصل كونه ملزماً بفعل كل ما في استطاعته” من أجل إعادتهم لدفنهم في إسرائيل والسماح لعائلاتهم بـ “إغلاق الدائرة”.
تذهب إسرائيل الآن إلى “الأمر الحقيقي”، هدف الحرب الذي تم تدميره حتى الآن بالضجة غير المحتملة التي أصدرها العشرون اسيراً الأحياء والـ 30 جثة وأبناء عائلاتهم. إن تدمير حماس في متناول اليد، لأن رئيس الحكومة قرر بشجاعة بأن أي اسير جائع وأي أم تبكي، لم يعد يوقفنا. يجب عدم الاحتجاج علينا، في السابق حاول كل ما في استطاعته، ولكنه فشل. لقد صفّى قيادة حماس وتجويع سكان غزة ونقل 2 مليون مواطن من الشمال إلى الجنوب ومن الجنوب إلى الغرب، وقتل عشرات آلاف المخربين، ومعهم آلاف النساء والأطفال. وهو الذي أرسل عشرات الجرافات التي طحنت المدن والأحياء والمربعات، واحتل رفح وخان يونس، ومرة أخرى خان يونس، وفي النهاية هدد بضم مناطق في غزة، لكن بدون نجاح، لم يطلق سراح أي اسير.
عرف نتنياهو أخيراً نقطة ضعف حماس، وكيف يمكن هزيمتها. هو ينوي حرمان هذه المنظمة القاتلة من ذخرها الوحيد الذي بقي لها: الاسرى. “أمسكوني”، يقول لحماس، “إذا كنتم تهددون بقتل الاسرى جوعاً وتعذيباً، فسأسبقكم. من الآن فصاعداً، إما الاستسلام أو تفقدون الاسرى”. بقيت مشكلة صغيرة فقط، وهي أن الاسرى ليسوا ملكاً لنتنياهو، أو مجرد غنيمة لعصابة إجرامية يترأسها، بل هم “ذخرنا”. غباؤنا كان سبباً بمنحه الصلاحية لإجراء المفاوضات باسمنا مع حماس، وعرفنا لاحقاً أن عودة الاسرى مرهون بمحاربة الحكومة المعادية التي تتظاهر بأنها إلى جانبنا. وعندما شاهدنا كيف يخدعنا نتنياهو بالقضاء على كل خطة وتفجير كل قناة، صدقنا أن تحريرهم هدف للحرب.
الوقت غير متأخر حتى الآن. إذا أردنا أن نكون شركاء في جريمة تصفية الاسرى والاندفاع إلى حرب من أجل الهيبة اللانهائية، فعلينا وقف هذه الهستيريا. يجب أن تخرجوا إلى الشوارع وتغلقوا المصانع وتوقفوا النشاطات الاقتصادية والثقافية، وتفعلوا ما يجب على الشعب والمجتمع أن يفعله من أجل الحفاظ على وجوده الإنساني، وإلا فليست دماء الاسرى وحدها هي التي ستكون على أيدينا.
هآرتس 6/8/2025