السياسي – أثار قرار القضاء اللبناني الإفراج عن هنيبال القذافي، نجل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، مقابل كفالة مالية بلغت 11 مليون دولار، الجمعة، تبايناً بين سياسيين وحقوقيين في ليبيا، تراوح بين مَن اعتبره «ابتزازاً سياسياً» و«صفقة مالية» بالنظر إلى ضخامة مبلغ الكفالة، مقابل بعضهم رأوا فيه «خطوة نحو العدالة»، بعد احتجاز استمر 10 سنوات من دون محاكمة.
وسارع الساعدي القذافي، شقيق هنيبال، إلى التعليق على القرار بتغريدة مقتضبة عبر منصة «إكس»، أشار فيها إلى تفاصيل الحكم دون إبداء رأي.
تمت الموافقة على إخلاء سبيل اخي هانيبال مقابل سند إخلاء بقيمة ١١ مليون دولار ومنع سفر لمدة شهرين فقط pic.twitter.com/rE74Q3M1n9
— الساعدي معمر القذافي (@Asaadialqaddafi) October 17, 2025
وقد ظل نجل الرئيس الليبي الراحل محتجزاً في لبنان منذ ديسمبر (كانون الأول) 2015، بعد أن أوقفته السلطات بتهمة «كتم معلومات» تتعلق بقضية اختفاء الإمام موسى الصدر عام 1978، وهي القضية التي لا يزال الغموض يحيط بها حتى اليوم. ويؤكد أنصاره أن هنيبال، الذي كان حينها طفلاً لا يتجاوز الثالثة من عمره، «لا علاقة له بالقضية»، وأن احتجازه «يفتقر إلى أي أساس قانوني».
وينتمي هنيبال إلى قبيلة القذاذفة، إحدى أبرز القبائل الليبية، وقد أدان شباب القبيلة ما وصفوه بـ«الابتزاز اللبناني» في بيان متداول على وسائل التواصل الاجتماعي، معتبرين أن طلب الكفالة المالية «صفقة تُتاجر بمعاناة إنسان محتجز ظلماً»، ومؤكدين أن «ملف هنيبال تحوّل إلى ورقة مساومة سياسية ومالية».
وقال المحلل السياسي المقرب من النظام السابق عثمان بركة إن «الإجراءات برمتها غير قانونية، فهي نتيجة عملية خطف وابتزاز لا تمتّ للأعراف القضائية بصلة».
وفي السياق ذاته، وصف رئيس «المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان» عبد الحكيم حمزة قرار الكفالة بأنه «قرصنة مالية»، بينما تأسف الخبير النفطي عثمان الحضيري على «الزج باسم قضية الإمام المغيّب للحصول على المال»، مضيفاً: «ليبيا قدّمت الكثير للمقاومة اللبنانية في الماضي، وكان الأجدر تكريم نجل القذافي لا احتجازه».
ويستند الرأي الأخير إلى ما قدّمته ليبيا، في عهد معمر القذافي، من دعم مادي وعسكري للفصائل الفلسطينية واللبنانية خلال سبعينات وثمانينات القرن العشرين، شمل تجهيزات وأسلحة وإمدادات، وفقاً لوثائق صادرة عن وزارة الخارجية الأميركية.
أما رئيس «تجمع الأحزاب الليبية» فتحي الشبلي فقد أدرج هذا التطور في قضية هنيبال ضمن ما عدّه «واقعاً عربياً تُغيَّب فيه العدالة وتُستبدل بها القوة والنفوذ»، قائلاً: «القوانين في المنطقة كثيرة، لكن الإنصاف نادر، بعدما صار الحق رهينة المصالح والميليشيات».
وبالنظر إلى ضخامة مبلغ الكفالة، دعا البعض إلى فتح حساب رسمي تحت إشراف محافظ مصرف ليبيا المركزي لجمع تبرعات تغطي المبلغ المطلوب، معتبرين أن «كل ليبي يمكنه المساهمة بمبلغ بسيط، في إطار من الشفافية، لإطلاق سراح ابن بلدهم».
ويُنظر إلى القضية على نطاق واسع في ليبيا باعتبارها من أعقد ملفات العلاقات الليبية – اللبنانية، غير أن هناك مَن يرى أن الإفراج المشروط يفتح الباب أمام تسوية قانونية أو سياسية قد تُنهي احتجاز نجل القذافي بعد عقد من الجدل والاتهامات المتبادلة.
وفي هذا السياق، رحّب رئيس «الائتلاف الليبي الأميركي» فيصل الفيتوري بالقرار، واصفاً إياه بـ«انتصار للعدالة ولليبيا»، قائلاً إن «إخلاء سبيل هنيبال القذافي بعد عقد من الاحتجاز غير القانوني يمثل بداية لإنهاء ملف سياسي طال أمده، ورسالة بأن زمن الابتزاز السياسي قد انتهى».
أمّا الأمين العام لحزب «البلاد» الليبي، أنور الشاوش، فشدّد على احترام قرارات القضاء «في الداخل والخارج»، لكنه دعا إلى «توضيح أي تجاوزات قانونية أو إنسانية وفق الأطر الدولية»، محذّراً من تسييس الملفات القضائية.