قد يعبر الشعار المعتمد للحزب الجمهوري وهو الفيل عن الانقلاب البطيئ الذي يجري داخل الحزب الجمهوري على إسرائيل ابتداء من قاعدة الحزب ونواته الصلبة وهي حركة لنجعل من أمريكا عظيمة مرة أخرى ” MAGA” .
الاسبوع الحالي أصبحت عضوة الكونغرس عن ولاية جورجيا مارجوري تايلور غرين، وهي يمينية مقربة من حركة “MAGA” التي يقودها الرئيس دونالد ترامب، اول جمهورية في الكونغرس تصف الوضع في غزة بأنه “إبادة جماعية”. وقالت غرين في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي مساء الاثنين: “من أصدق وأسهل ما يمكن قوله أن ما حدث في 7 أكتوبر في إسرائيل كان مروعًا ويجب إعادة جميع الرهائن، ولكن الإبادة الجماعية والأزمة الإنسانية والمجاعة التي تحدث في غزة كذلك”. جاء هذا المنشور ردًا على زميله النائب الجمهوري راندي فاين، الذي نشر الأسبوع الماضي على موقع X: “أطلقوا سراح الرهائن. حتى ذلك الحين، تضوروا جوعًا”.
مثّل إعلان غرين تحولًا جذريًا في موقفها تجاه قضية غزة الشائكة. منذ 7 أكتوبر 2023، والذي سارع جميع الجمهوريين إلى دعم الحملة العسكرية الإسرائيلية.
هذا التحول من غرين هو أحدث مؤشر على نقاش أوسع داخل الحزب الجمهوري حول غزة. ولا يمكن فصل تصريحات غرين عن تزامنها مع تأكيد ترمب بوجود مجاعة في غزة حين قال في اسكتلندا: أنه يعتقد أن المجاعة هناك “حقيقية”.
وتأتي تصريحات غرين وترمب للكشف عن تخلخل إجماع الجمهوريين في الكونغرس تجاه ما يحدث في غزة مقارنة بما كانوا عليه منذ هجوم السابع من أكتوبر. وبشكل خجول انضم بعض الجمهوريين إلى غرين في إدانتها فقد صرح زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ جون ثون بأنه “يشارك الرئيس وجهة نظره”، لكنه اتهم حماس باعتراض وتحويل مسار جزء كبير من المساعدات الغذائية المتجهة إلى غزة.
وقال ثون في مؤتمره الصحفي الأسبوعي: “من البديهي أن الجانب الإنساني، عندما ترى أناسًا يعانون في حاجة كهذه، هو الرغبة في المساعدة على تلبية تلك الحاجة وتخفيف تلك المعاناة”. وأضاف: “أعتقد أننا جميعًا نرغب في رؤية حل سلمي يُطلق سراح الرهائن وينهي حكم حماس في المنطقة. ولكن في غضون ذلك، علينا أن نبذل قصارى جهدنا لتخفيف الألم والجوع اللذين يُعاني منهما الكثير من سكان تلك المنطقة”. واليوم صرح رئيس مجلس النواب الجمهوري جونسون بلغة مشابهة وفي الوقت نفسه، صرّح السيناتور الجمهوري عن ولاية كارولينا الشمالية، توم ثيليس، لصحيفة “ذا هيل” بأن حماس تستحق اللوم، وأن ترامب “كان مُحقًا في مطلبه وانه “سيشجع نتنياهو على مراعاة ذلك”.
وعلى الجانب الاخر حافظ عدد كبير من الجمهوريين على موقفها المؤيد بشدة لإسرائيل مثل السيناتور ليندسي غراهام، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية كارولينا الجنوبية الذي نشر على موقعه في “إكس” يوم الثلاثاء: “أريد أن أكون واضحًا تمامًا بشأن أفكاري بشأن الكارثة في غزة: ألوم حماس تمامًا”. “إذا أردتم إنهاء هذه المعاناة، فادعوا حماس إلى إلقاء سلاحها، وقادتها إلى إيجاد مخرج آمن من غزة. إن انتقاد إسرائيل أمرٌ مرفوض، فهم يُقاتلون من أجل وجودهم”.
وان كان حراك الفيل الجمهوري يبدو بطيئا فحراك الديمقراطيين في الكونغرس وشعارهم الانتخابي الحمار يبدو أكثر سرعة عبرت عنه رسائل من أربعين سناتور ديمقراطي ونحو 100 نائب تطالب بوقف المجاعة والحرب.
وقد بدء الحراك الجمهوري ضد إسرائيل عمليا منذ اشهر خارج الكونغرس حين صعّد قادة مؤثرون بارزون في حركة “لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا” انتقاداتهم لإسرائيل. وكان النائب السابق مات غيتز والاب الروحي للحركة ستيف بانون من بين من أدانوا تصرفات إسرائيل وحذّروا من أن إسرائيل باتت تُشكّل عبئًا سياسيًا على إدارة ترامب وتؤثر على قاعدة الرئيس.
ويعكس الموقف السائد في حركة Maga الاتجاه الأوسع في آراء الأمريكيين بشأن الحرب في غزة. فقد أظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة غالوب قبل يومين أُجري قبل أن يُندّد ترامب بالمجاعة في غزة يوم الاثنين أن ستة من كل عشرة أمريكيين لا يوافقون الآن على العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة.
يمكن القول الان ان هناك بداية انعكاس لموقف الشارع الجمهوري على اعضاء الكونغرس لكن الوصول لانقلاب جمهوري كامل على التحالف مع إسرائيل بعيد الان خاصة ان الاستطلاع الاخير كشف ان 71% من الجمهوريين ما زالوا يدعمون للمجهود الحربي الإسرائيلي. وقد تغيّر هذا الرقم بشكل طفيف مؤخرا.
وايضا على مستوى الإدارة الأميركية لا تزال ابجديات الموقف تجاه إسرائيل كما هي فقد قال مسؤول في الإدارة لموقع بوليتكو طلب عدم الكشف عن هويته للتحدث بحرية عن التفكير الاستراتيجي بشأن غزة، إن الإدارة لا تُخالف نتنياهو على الرغم من انتقاداتها اللاذعة لأقرب حلفائها في الشرق الأوسط. وقال المسؤول: “لا أحد يُريد رؤية أطفال يتضورون جوعًا في أي مكان”. وأضاف: “ومع أنه يُؤيد بيبي بشدة، فإن مهمة الرئيس النهائية ستكون، أولًا، إنهاء الحرب، ثانيًا، إنهاء عمليات القتل، وكحد أدنى، تأمين وقف إطلاق النار، واستعادة الرهائن وجعل المنطقة أكثر ازدهارًا من أي وقت مضى”. وأضاف المسؤول: “لا أعتقد أن أمثال ليندسي غراهام وتوم كوتونز سيثورون غضبًا لأن الرئيس لا يُريد رؤية أطفال يتضورون جوعًا في الشرق الأوسط”.
ولأعضاء مجلس الشيوخ المُتشددون فهم مُشابه لتفكير الرئيس. قال السيناتور مايك راوندز (جمهوري-داكوتا الجنوبية)، العضو البارز في لجنتي القوات المسلحة والاستخبارات، في إن تصرفات الرئيس نابعة من رغبة ترامب في عدم رؤية الأطفال يُقتلون في الحروب. ومع ذلك، يرفض مسؤولو الإدارة اتهامات “الإبادة الجماعية” من جانب إسرائيل. ففي إحاطة إعلامية بوزارة الخارجية يوم الثلاثاء، وصفت المتحدثة باسم الوزارة، تامي بروس، الاتهامات بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين بأنها “شائنة”. وكرر السفير الأمريكي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، هذه المشاعر يوم الثلاثاء في مقابلة مع قناة فوكس نيوز. وقال: “هل هناك معاناة؟ نعم. هل الوضع سيئ كما يزعم بعض الأوروبيين؟ لا”. وأضاف: “يمكن أن يكون الوضع أفضل بكثير، ويمكن أن ينتهي كل شيء بسرعة إذا قررت حماس أخيرًا أنه لا مستقبل لها هناك، وهو ما يردده الرئيس باستمرار”.
كخلاصة لا يمكن القول أن الانقلاب الجمهوري على إسرائيل قريب لكن يمكن الاستنتاج انه بدء