هل تبقى قرارات يونسكو بشأن فلسطين حبراً على ورق

السياسي – رغم القرارات الصادرة عن منظمات أممية ودولية، والتي تصب في صالح القضية الفلسطنيية، وضد الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن “إسرائيل” لا تلق لها بالًا وتواصل انتهاكها وتجاوزها لكل قرار يمس بـ “سيادتها” وسياساتها.

ومع اعتماد المجلس التنفيذي التابع لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “يونسكو” في دورته الــــ221 التي عقدت في 9 إبريل/ نيسان الجاري في باريس، قرارين خاصين بدولة فلسطين بالإجماع، تظهر التساؤلات عن جدوى وأهمية هذه القرارات غير الملزمة لـ “إسرائيل”، التي تضرب بعرض الحائط كل ما لا يتماشى مع سياساتها وأطماعها.

واعتمدت “يونسكو” مؤخرًا قرارين لصالح القضية الفلسطينية، وهما: فلسطين المحتلة، والمؤسسات الثقافية والتعليمية، واللذان يدعوان إلى وقف عمليات التنقيب والأشغال والمشاريع في مدينة القدس المحتلة، وفي المدينة القديمة وحولها، وفي الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل، ووقف جميع الأنشطة الاستيطانية، بما في ذلك بناء الجدار وعمليات شق الطرق الخاصة ﺑﺎلمستوطنين.

كما اعتمد المجلس التنفيذي لـ “يونسكو”، في دورته الـ221 التي عقدت في 11 إبريل/ نيسان الجاري في باريس، قراراً جديداً بعنوان “تأثير وعواقب الوضع الراهن في قطاع غزة”.

وأكد القرار على أهمية تنفيذ برنامج مساعدة عاجلة في غزة، وإدانة الاستهداف المتعمد للطلبة والمعلمين والصحفيين وموظفي الأمم المتحدة، إضافة إلى التدمير الواسع للبنية التحتية، والمؤسسات التعليمية، ومواقع التراث الثقافي من قبل الاحتلال الإسرائيلي.

-تشويش على الاحتلال..

ويرى مختصون ومحللون سياسيون أن تلك القرارات الأممية رغم أهميتها المعنوية وتشويشها على السياسة الإسرائيلية وحكومة الاحتلال الحالية، فإنها لا تسمن ولا تغني من جوع ولا تساوي الحبر الذي كتبت به، وفق تعبيرهم .

ويقول المحلل والمختص بالشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد، إن “إسرائيل” ترى في “يونسكو” منظمة غير حيادية، رغم أنها أممية وغير منحازة، ويضيف: “هذه القرارات لا قيمة لها في الميدان ولن تغير مسار السيطرة الإسرائيلية على الأرض”.

ويتابع : “مع ذلك، فإن تراكم مثل هذه القرارات تشوّش على إسرائيل ومؤيديها في الغرب، وهناك من يكترث بها في الحكومة والوزارات والمجتمع الإسرائيلي خشية انعكاس سلبي لها”.

ويردف: “معنويا، تعطي هذه القرارات انطباعاً إيجابيا، لكنها لا تعدو كونها حبرا على ورق، لأنها قرارات غير ملزمة، بينما لم تطبق عشرات القرارات الأممية المتعلقة بالقضية الفلسطينية متزامنة مع استخدام الولايات المتحدة لحق النقض في مجلس الأمن لقرارات مماثلة لصالح الفلسطيني” .

-قرارات لا قيمة لها..

من جهته، يقول المحلل السياسي عمر جعارة، إن “إٍرائيل” ترى المؤسسات الأممية بقراراتها أنها إرهابية، مثل “أونروا” و”يونيسيف” وغيرهما، نظرا لاعتماد الاحتلال على الدعم الأمريكي، ومنه حق النقض المستخدم ضد القضية الفلسطينية لأكثر من 70 مرة في مجلس الأمن .

موضحا أن إسرائيل تتهم المسؤول الأول للأمم المتحدة بالإرهاب، فكيف ستعترف بقرارات أممية وتذعن لها؟”.

ويضيف : “أن إسرائيل ضربت كل الشرعية الدولية بعرض الحائط، ومنها يونسكو”، وقال: “لننظر للقرار 181 الذي أعطى إسرائيل 53% من فلسطين التاريخية و47% لدولة عربية فلسطينية عدا القدس صنفت دولية، أين وصلت الأمور، ابتلعت إسرائيل كل شيء، وفوقها أراضي عربية أخرى في مصر وسوريا” .

-توقيت مهم..

أما المحلل السياسي فراس ياغي، فيشير بنظرة مطمئنة للقرارين، ويقول إنهما يعتبران القدس والخليل والأماكن الدينية المقدسة فيهما جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية تحت الاحتلال ولا يجوز للأخير إحداث تغييرات فيهما .

ويرى ياغي أن توقيت القراران مهما، لافتًا إلى أنه جاء تزامنًا مع أوقات عصيبة على وقع الجهود الحثيثة للحكومة الإسرائيلية وأذرعها لفرض السادة على الضفة الغربية من خلال التهويد للمقدسات الإسلامية في القدس والخليل وخصوصا الأقصى والإبراهيمي .

وينظر ياغي للقرارات الجديدة بأنها مهمة للشعب الفلسطيني في نضاله للتحرر من الاحتلال وكلاهما مرتبط بالقرار الاستشاري الأخير لمحكمة العدل الدولية العام الماضي والقاضي بعدم أحقية الاحتلال ومزاعمه بوجود تراث يهودي في الأقصى والإبراهيمي .

وأظهرت إحصائيات رسمية فلسطينية نشرها مركز المعلومات الوطني الفلسطيني التابع لوكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية “وفا”، أن عدد القرارات التي صدرت عن “يونسكو” وتتعلق بالقدس بين الأعوام 1996-2024 بلغت 22 قرارا، فيما رصدت مصادر إعلامية عربية عشرة قرارات لـ “يونسكو” حول القدس، كان أولها عام 1956 عقب ثمانية أعوام لضم الاحتلال الشطر الغربي للقدس المحتلة تلاها قرارات مماثلة وصولا للعام 2017.

وانضمت دولة فلسطين رسميا إلى “يونسكو” في 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2011، وذلك بعد تأسيس مكتب اتصال للأخيرة في رام الله عام 1997.

وتأسست منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة بناء على اقتراح من مؤتمر وزراء الحلفاء للتربية الذي عُقد في لندن في الفترة الممتدة من 1 إلى 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1945، ووقّعت 41 دولة الميثاق التأسيسي للمنظمة، الذي بدأ نفاذه في 4 تشرين الثاني/نوفمبر من عام 1946 بعدما صدّقت عليه 20 دولة موقّعة.