هل تخلت ألمانيا عن دورها الأخلاقي برفع حظر السلاح عن إسرائيل

السياسي – أعلنت برلين رفع التجميد الجزئي عن تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، بعد أسابيع من وقف إطلاق النار في غزة؛ في خطوة أثارت نقاشًا واسعًا داخل ألمانيا وخارجها، وكشفت توازنًا دقيقًا بين الضغط الشعبي، والالتزام التاريخي، وتوتر العلاقات مع حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وبحسب “فايننشال تايمز”، فإن القرار، الذي برّره المتحدث باسم الحكومة ستيفان كورنيليوس بـ”استقرار الوضع”، جعل ألمانيا أول مورد رئيس للأسلحة يخفف قيود التصدير على إسرائيل.

ويرى مراقبون أن هذا القرار الألماني أعاد فتح تساؤلات حول ما إذا كانت برلين تتراجع عن موقفها الأخلاقي التاريخي أم أنها تعمل على إعادة ضبط علاقاتها مع تل أبيب، وفق حسابات سياسية جديدة.

ويرى الخبراء أن الحظر الذي فرضه المستشار الألماني، فريدريش ميرتس، في أغسطس، جاء بعد تحذيرات من استخدام الأسلحة في هجوم بري على غزة، وهو ما أثار انقسامًا داخل الحكومة نفسها بين تيار يدعو للضغط على إسرائيل عبر أدوات تصدير السلاح، وآخر يتمسك بالتزام تاريخي وسياسي مع إسرائيل، وهذا الانقسام انعكس في ردود الفعل الشعبية، حيث أشارت استطلاعات إلى أن جزءًا من الرأي العام دعم خطوة الحظر بشكل غير مسبوق، مقابل انتقادات حادة من اليمين المحافظ.

من الجانب الإسرائيلي، كان رد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو غاضبًا؛ إذ اتهم برلين بالخضوع للضغوط، بينما حرصت شركات ألمانية مثل “Renk” على البحث عن بدائل لتجاوز القيود، مع تهديدات بنقل بعض خطوط الإنتاج إلى الولايات المتحدة لتأمين استمرار التعاون مع الجيش الإسرائيلي.

ومع أن التجميد كان جزئيًا وربَّما رمزيًا، إلَّا أن تأثيره ظهر في نقص بعض قطع الغيار الحيوية لدبابات “ميركافا” التي تعد العمود الفقري لعمليات الجيش الإسرائيلي؛ ما دفع نتنياهو للحديث عن “عصر الاكتفاء الذاتي” وضرورة تقليل الاعتماد على الموردين الأجانب.

ويعتقد مراقبون أن رفع الحظر في هذا التوقيت يُعيد ألمانيا إلى مربعها التقليدي كأحد أهم الموردين العسكريين لإسرائيل، لكنه يترك خلفه أسئلة مفتوحة حول الحدود الأخلاقية في السياسة الأوروبية، وقدرة برلين على التوفيق بين إرثها التاريخي وضغوط الرأي العام، في ظل تراجع الثقة الشعبية في سياسات الدعم غير المشروط لإسرائيل، حتى في سياق وقف العمليات في غزة.