هل ستكون حوارات المصالحة في بكين مختلفة عما سبقها؟

د. إبراهيم أبراش

مع أننا لا نعول كثيرا على حوارات المصالحة ونفس الأمر بالنسبة لغالبية الشعب غير المهتم أو المتابع للأمر، وقد كتبنا كثيرا عن الانقسام وحوارات المصالحة وقلنا بصراحة إن المصالحة التي تعني نهاية الانقسام وإعادة توحيد غزة والضفة لم تعد بيد الفصائل الفلسطينية بل أصبحت جزءا من معادلة إقليمية ودولية واسرائيلية، ومع حرب الإبادة وتصويت الكنيست الإسرائيلي على منع قيام دولة فلسطينية أصبح توحيد غزة والضفة حتى في إطار سلطة الحكم الذاتي المحدود كما هو حالها اليوم أكثر استحالة، فكيف سيتم توحيدها في إطار الدولة الفلسطينية المستقلة التي ما كان الانقسام وانقلاب حماس على السلطة ثم سلسلة الحروب على غزة وآخرها الحرب الحالية إلا لمنع قيامها؟

ومع ذلك وحتى لا نقطع الأمل بتحقيق مصالحة (تم توقيع اتفاق مصالحة بعد كتابة هذا المقال) تُبقي على شعرة معاوية بين الفصائل ولو في حدود مصالحة جزئية ومؤقتة وقت الحرب تَحُّول دون حرب أهلية تلوح بالأفق، أو التوصل لمصالحة حول منظمة التحرير بعيدا عن حسابات السلطة والحكومة وعن الاشتراطات الإسرائيلية… نأمل نجاح جهود عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الأخ عباس زكي (أبو مشعل) الذي يشتغل على ملف المصالحة موظفا علاقته الشخصية مع القيادة الصينية، وهي جهود بدأت في بكين منذ فترة وكان لقاء اليوم (23 يوليو) ضمنها، وللتذكير فإن لقاء سابقا للمصالحة الشهر الماضي تم تأجيله بطلب من حركة فتح.

مع التردد الواضح للقيادة الفلسطينية في مواصلة جهود المصالحة في هذا الوقت إلا أننا نتمنى أن تتجاوب حركة حماس مع الأخ عباس زكي وألا تخذله في لقاء بكين كما سبق وأن خذلت أمين سر اللجنة المركزية لفتح جبريل الرجوب بعد عقد عدة لقاءات مباشرة وعبر الفيديو كونفرانس مع نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري رحمه الله في تركيا وبيروت ورام الله، وتصريحات الرجوب الطيبة تجاه حماس آنذاك وخصوصا عندما قال عفا الله عما سلف مبرئا حماس من دماء من سقطوا في الانقلاب.

نعلم حالة الإحباط الشعبي من نجاح جهود المصالحة وهو ما تعبر عنه التعليقات في وسائط التواصل الاجتماعي وكتابات المثقفين، وقد لا نلوم المشككين في نجاحها بعدما عايشوا نكسات فشل جهود المصالحة من السودان إلى مكة واليمن والجزائر والقاهرة والدوحة الخ، ونتفهم شكوكهم أن ما يجري في بكين محاولة من أحزاب عاجزة وفاشلة للبقاء في المشهد السياسي وتقاسم ما تبقى من سلطة تحت الاحتلال وما قد تتيحه أموال إعمار غزة لأصحاب المصالح في الجهتين! ولكن يحدونا بقايا أمل أن تستوعب الأحزاب المجتمعة في بكين خطورة المرحلة والخطر الوجودي الذي يهدد الجميع، ويتوقف الجميع عن ادعاء النصر أو أن رهانه سيفوز في النهاية، فقد “ذاب الثلج وبان المرج”، فلا خيار ورهان حل الدولتين والانتقال من سلطة حكم ذاتي لدولة نجح ولا خيار ورهان المقاومة المسلحة لتحرير فلسطين وحتى لتحرير غزة نجح، وعلى طرفي المعادلة، فتح وحماس، التفكير بكيفية إعادة بناء وتفعيل منظمة التحرير كإطار جامع للكل الفلسطيني، دون تجاهل أهمية التوافق على رؤية، ولا نريد القول استراتيجية، لمواجهة ما تخطط له إسرائيل من حرب الإبادة ومستقبل قطاع غزة.

وأخيرا ونقولها بصراحة وموضوعية، حتى لو توافقت الأحزاب الحالية، خصوصا حركتا فتح وحماس، المأزومة وفاقدة المصداقية عند قطاع كبير من الشعب فهذا لا يعني تحقيق الوحدة الوطنية.

شاهد أيضاً