هل سيعود المفصولون؟  

بكر أبو بكر

في حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح نظام داخلي يحكمُ العلاقات بين القيادة والقاعدة ويوزع المسؤوليات ويحدّدها بين الأطر المختلفة أفقيا وعموديًا، والنظام الداخلي يمثل بالحركة القانون الذ ي يحكم القرارات، والمفاصل. لذلك كان الطرح بالقمة العربية 4/3/2025م من قبل الرئيس أبومازن حول المفصولين قد جاء بالصيغة التالية: “وحرصا منا على وحدة حركة فتح، قررنا إصدار عفوٍ عامٍ عن جميع المفصولين من الحركة، واتخاذ الإجراءات التنظيمية الواجبة لذلك.”
ورغم الجدل الداخلي في الحركة حول الاعلان الرئاسي في القمة العربية ما بين موافق أو قَلِق أو ممانع واختلفت الأسباب لاسيما وأن طرح مثل هذا الموضوع التنظيمي الداخلي في قمة عربية يشير بوضوح لأيادي عربية تحاول الضغط على فلسطين، وعلى حركة فتح باتجاهات معينة ولربما باتجاه تقديم أو تأخير شخصيات محددة تدعمها، ما جعل من الاعلان على هذا المنبر العلني إفشالًا لكل محاولات تفتيت الصف الفلسطيني والفتحوي.
جاء إعلان الرئيس أبومازن بقيمة وطنية عالية فهو كرئيس دولة فلسطين يقوم بالعفو عن المفصولين، وبالفهم هنا فإنه ينطبق على القضايا الجنائية لأي منهم. وهنا جاء العفو من الرئيس-رئيس دولة فلسطين، أما بالنسبة للقضايا التنظيمية فلقد كان الوضوح تامًا أنها محالة “للاجراءات التنظيمية الواجبة” ما يعني الرجوع للجنة المركزية والمجلس الثوري والنظام الداخلي.
في سياق آخر فقد يُفهم أن (إعلان العفو العام) قد تم من رئيس حركة فتح-وليس رئيس دولة فلسطين-وبهذا المعنى يصبح شخص أبومازن كرئيس وعضو مركزية ليس له ممانعة داخل الإطار من عودة المفصولين ما يلقي العبء على أعضاء اللجنة المركزية هذا من جهة وفهم النظام، ومن جهة أخرى تبقى القضايا الجنائية ضد بعض المفصولين رهينة بالمحاكم.
في النظام الداخلي حول العفو، أوإعادة أو إرجاع المفصولين من الحركة لا يوجد أي بند يتعامل مع مثل هذا الوضع بالحقيقة إلا ما يمكن الأخذ به كعُرف تم، وحصل في حالة المنشقين من جهة، وفي حالة القائمة الثانية بانتخابات عام 2006، وبرغم ذلك فإن النظام من حيث تفسيره يُصبح مناطًا باللجنة المركزية صاحبة القرار الأساس بالفصل سواء تعلق الأمر بالفصل بعد المؤتمر السادس (حيث تم فصل محمد دحلان ومجموعة معه أو بعده)، ثم الفصل الذي حدث بعد المؤتمر السابع والأشهر فيه فصل د.ناصر القدوة ومجموعة أخرى على خلفية الانتخابات التي أعلن عنها ولم تتم، ثم ما كان من الفصل المرتبط بالبلديات.
الاعلان للرئيس لم يكن محددًا بمن هم المقصودين بالفصل، ونظرًا لعمومية الاعلان وإبهامه فسنفترض أنه يشمل ما بعد السادس والسابع وهي قضايا تختلف كليًا عن بعضها البعض ففيها من الأسس غير الصحيحة للفصل (في بعضها) ما تم النقاش فيه مطولًا ما يعني حين عودة عدد من المفصولين على قاعدة عدم صحة اتخاذ القرارات أن الحركة تعترف بأخطائها وتصلحها.
وفي الحالة الأخرى فإن آلية العودة من حالة الفصل مبهمة أو غير واضحة وقلقة، عوضًا عن عدم وجود مفهوم (العفو) بالنظام، ورغم ذلك فإن النظر بالنظام الداخلي قد يعطينا إشارات محددة حيث الفصل السادس وهو فصل العقوبات لا يقول شيئًا حول كيفية أو آلية وامكانية (عودة) المفصولين رغم أن الحقيقة العملية أن العديد من كادرات فتح كانت قد عادت مثل المنشقين ولكن ليس لمواقعهم، ومثل نموذج المفصولين عام 2006، والذين عاد عديد منهم لمواقعه السابقة.
الباب السادس لا يناقش الا أنواع العقوبات وأسباب إيقاعها والجهة المختصة بالعقوبة ولكنه يضع مواد حائرة حصل عليها حوار ونقاش كثير للمعنيين بالنظام وهما المادة 98-أ التي تقول “يوقع عقوبة الفصل اللجنة المركزية”، وما يليها المادة 100 التي أتاحت للمجلس الثوري دورًا واضحًا بعقوبات اللجنة المركزية. لذا فعليهما اليوم يقع العبء في فهم وتطبيق بنود النظام أواتخاذ (العُرف الحركي) أساسًا كما تساوقت مع قاعدة لا نص فيها بالنظام أن (من استقل استقال).
أما المادة الثانية القَلِقة فهي المادة 105 التي تقول “تنظراللجنة المركزية بالأحكام الجزائية الصادرة بحق أي عضو من أعضاء الحركة وتتخذ القرار المناسب.”
وعليه وبغض النظر عن رأي الكثيرين في عدد من المفصولين أنهم يستحقون ما حصل لهم هكذا عامة، او بالتخصيص لعدد منهم أو لشخصيات محددة فإن امكانية النظر قائمة بالعرف وقانون المحبة الحركي من جهة، وقائمة بالنظر للنصوص القلِقة خاصة المادتين 100 و105 ولكن دون وضوح وتحديد للآليات التي تحتاج لفهم واسع وعقل مستنير، ونية واضحة بأي اتجاه. فيما أن قاعدة الانضمام للحركة هي فردية فإن العودة لها بلا شك ستكون فردية بمعنى نقاش كل حالة على حدة وبما يجب أن يتّسق تماما مع شروط العضوية الواردة بالبند9 بشروطه السبعة.
دعني أقول أن باب الحوار والنقاش بقضية المفصولين (السادس والسابع) يجب أن يؤخذ فيها كل شخص على حدة هذا أولًا، وثانيًا أن تعرض على اللجنة المركزية ثم الثوري، ولربما يجب أن يبرز هنا دور للمحكمة الحركية أيضًا، و لجنة حماية العضوية كإطار وسيط بين المتظلمين وبين المركزية وهذا ثالثًا، وبالاستناد للمواد 98و 100 و 105 رابعًا.
أما خامسًا فتظل النية الحقيقية والإرادة ما بين قبول الطلبات (طلبات العودة للحركة) أو رفضها رهينة بحقيقة الأمر لطبيعة الحوارات داخل اللجنة المركزية واتباع النظام الداخلي.

تابعنا عبر: