كيف تفكر إسرائيل بعد 7 أكتوبر؟
بعد أحداث 7 أكتوبر، يبدو أن المشهد الفلسطيني مقبل على تغييرات جذرية، حيث أصبحت فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة حلمًا مؤجَّلًا إلى أجل غير مسمى، بل وربما أصبح من الماضي في الحسابات السياسية الإسرائيلية والأمريكية.
إسرائيل، وفق ما أراه، لن تقبل بوجود سلطة فلسطينية سياسية ذات صلاحيات حقيقية، ولن توافق أيضًا على إقامة حكم ذاتي فلسطيني بالشكل المتعارف عليه. بل ستتجه الأمور نحو صيغة جديدة مختلفة كليًا.
إدارة ذاتية خدماتية اقتصادية
ما يُتوقع في المرحلة القادمة هو إقامة إدارة ذاتية فلسطينية محدودة الصلاحيات، تركز على الجوانب الخدماتية والاقتصادية فقط. هذه الإدارة قد يُديرها رجل أعمال فلسطيني ثري، مزدوج الجنسية، يتمتع بقبول لدى إسرائيل وأمريكا، وكذلك بدعم وتفاهم مع بعض الدول العربية وأوروبا.
ستتولى هذه الإدارة مسؤوليات مثل التعليم، الصحة، البنية التحتية والاتصالات. لكن من المرجَّح أن تسعى إسرائيل لإبقاء قطاع الاتصالات ضعيفًا وتابعًا للشركات الإسرائيلية.
تعزيز الاقتصاد وفتح الأبواب للاستثمار
سيُعزَّز دور البلديات والمجالس المحلية، وستُفتح مجالات عمل جديدة للعمال الفلسطينيين داخل الضفة الغربية نفسها.
كما سيُفتح الباب للاستثمارات الأجنبية والعربية، مع تركيز على تنمية السياحة والإعلام في الضفة الغربية، بما يخدم مصالح اقتصادية أوسع.
ورغم هذه التنمية الظاهرية، سيبقى الإشراف الإسرائيلي حاضرًا، خاصة في مجالات التعليم والصحة
تراجع دور المؤسسات الدينية
من المتوقع أيضًا أن يتراجع تأثير المؤسسات الدينية لصالح تعديل بعض القوانين المدنية، مع توجيه خطب الجمعة والخطاب الديني نحو تعزيز خطاب التعايش والسلام بدلاً من الخطاب السياسي.
السيادة والأمن في يد إسرائيل
ستبقى السيادة السياسية والأمنية الكاملة في يد إسرائيل، بينما يتم تقوية الأجهزة الأمنية الفلسطينية لتلعب دورًا محدودًا يقتصر على حفظ الأمن الداخلي الجنائي في المدن الفلسطينية.
هذه الأجهزة سيغلب عليها الشباب المستقلون غير المنتمين تنظيميًا لأي فصيل سياسي.
ما ينتظر الفلسطينيين في المرحلة القادمة ليس حُلم الدولة ولا حتى حكمًا ذاتيًا حقيقيًا، بل إدارة ذاتية اقتصادية محدودة الصلاحيات تُدار بروح السوق الحرة والاستثمار، تحت رقابة إسرائيلية وأمنية مشددة، بما يضمن مصالح إسرائيل وامريكا والحلفاء أولًا وأخيرًا.
