هل يقود إصلاح “السلطة” لإقامة دولة فلسطينية؟

أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في اتصال هاتفي مع الرئيس محمود عباس، “التزام فرنسا بالعمل مع شركائها الأوروبيين والعرب لبناء رؤية مشتركة للسلام توفر الضمانات الأمنية للفلسطينيين والإسرائيليين”، و”لإدراج مسار الاعتراف بدولة فلسطين في دينامية فعالة”.

ماكرون قال إن فرنسا “تريد سلطة فلسطينية يتم إصلاحها وتعزيزها، قادرة على ممارسة مسؤولياتها على كل الأراضي الفلسطينية بما يشمل قطاع غزة وبما يصب في مصلحة الفلسطينيين”.

مجلة “بوليتيكو” الأمريكية كانت قد ذكرت في وقت سابق، نقلاً عن مسؤولين بإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، لم تسمهم، أن خطةً من 20 بنداً وضعتها واشنطن، تسير على طريق النجاح لوضع نهاية لما بعد الحرب في غزة.

بحسب ما ذكره المسؤولون، فإن من ضمن الخطة التي وضعتها واشنطن لإصلاح السلطة الفلسطينية، مكافحة الفساد، واستبدال نظام دفع التعويضات والرواتب لأسر الشهداء بمشروع آخر أو برنامج للرعاية الاجتماعية العامة.

وأوضح مسؤول كبير في إدارة بايدن، أن “هذا الملف شهد تقدماً كبيراً خلف الكواليس، والبوادر مبشرة”، في حين أوضح مسؤول آخر، أنه من المتوقع إجراء تلك التغييرات قريباً.

يثير برنامج “التعويضات لأسر الشهداء” حفيظة دولة الاحتلال الإسرائيلي، التي تعتبره داعماً لـ”الإرهاب”، وتطلق عليه وصف “الدفع مقابل القتل”.

كما رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في أكثر من مناسبة، فكرة إدارة السلطة الفلسطينية لغزة بعد إنهاء حكم حركة المقاومة الفلسطينية “حماس”، ويصر على تشكيل إدارة عسكرية لإدارة القطاع.

“بوليتيكو” زعمت أن هذا الاتفاق سيشكل انتصاراً رئيسياً للمحاولات المتعددة الأوجه لإصلاح السلطة الفلسطينية- بدءاً من وضع تدابير لمكافحة الفساد إلى تحسين الخدمات الأساسية- حتى تتمكن من تولي حكم قطاع غزة عندما تنتهي الحرب الإسرائيلية على القطاع.

ويدعم برنامج “دفعات الشهداء” الفلسطينيين وعائلاتهم مالياً في حالة إصابتهم أو سجنهم أو استشهادهم، في أثناء قيامهم بأعمال مقاومة ضد “إسرائيل”.

الاتفاق يقترب من التحقق
وسائل إعلام عبرية لفتت إلى أن واشنطن والسلطة الفلسطينية اقتربتا من الاتفاق بما يضمن نجاح تطبيق الخطة الأمريكية، وكسب تأييد تل أبيب لها أيضاً.

قناة “الأخبار 12” الإسرائيلية قالت إن:

واشنطن ورام الله اقتربتا من الاتفاق بشأن مسألة دفع الرواتب لعائلات من تصفهم تل أبيب بـ”المخربين”، وتتهمهم بتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية، في إشارة إلى الشهداء الفلسطينيين.
وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، أجرى محادثات مع مسؤولين أمريكيين، خلال زيارته الأخيرة لواشنطن، بشأن تشكيل قوة متعددة الجنسيات وإدخالها إلى غزة؛ لتكون مسؤولة عن أمن المنطقة وإدخال المساعدات الإنسانية وتنظيم توزيعها.

هذه المحادثات أسفرت عن “تقدم” لم توضحه، لافتة إلى أن “عناصر تلك القوة ستكون من 3 دول عربية”، دون أن تسميها.
– ذكرت صحيفة “يسرائيل هيوم” أن التغيير بالسلطة الفلسطينية يأتي استجابة للمطالب الأمريكية بإجراء إصلاحات واسعة النطاق في السلطة الفلسطينية؛ تمهيداً لانتقالها إلى قطاع غزة بعد نهاية الحرب.

تحركات عباس
الخطة الأمريكية سبقتها دعوات من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى “إعادة تنشيط” السلطة الفلسطينية؛ على أمل أن تتولى مسؤولية غزة بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية على القطاع.

الرئيس عباس يعي جيداً أهمية حصول تغيير في حكومة السلطة من أجل ضم غزة تحت جناحها، وهو ما يتبين من تكليفه، في مارس الماضي، محمد مصطفى برئاسة الحكومة الجديدة؛ لتصبح الحكومة الـ19 في تاريخ البلاد.

وبحسب وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، فإن المرجعية السياسية للحكومة الجديدة هي منظمة التحرير الفلسطينية، وبرنامجها السياسي، والتزاماتها الدولية، وكتاب التكليف الموجه لها من عباس.

ويتضمن برنامج الحكومة:

إيلاء الوضع الإنساني أولوية قصوى، بما يشمل وضع خطة شاملة للمساعدات الإنسانية والإغاثة الفورية لأهالي قطاع غزة.
التعافي وإعادة الإعمار في كل من القطاع والضفة.
تركيز الجهود الهادفة إلى تثبيت واستقرار الوضع المالي وانعكاسه على الاستقرار الاقتصادي.
وضع خطط للإصلاح المؤسسي، وإعادة الهيكلة، وتوحيد المؤسسات، ومحاربة الفساد، ورفع مستوى الخدمات والتحوّل الرقمي، وتوحيد المؤسسات وإعادة هيكلة المؤسسات بين شطري الوطن (الضفة الغربية وقطاع غزة).
سيادة القانون، وتعزيز نزاهة القطاع المالي.
تعزيز الصمود في القدس المحتلة والأغوار والمناطق المهمشة.
مواصلة العمل على الحفاظ على المقدسات المسيحية والإسلامية في المدينة.
وضع الخطط والبرامج لإعادة ربط المدينة بالكلّ الفلسطيني.

 كسر المقاومة في غزة
المحلل السياسي علي بغدادي، الذي تحدث لـ”الخليج أونلاين”، يرى أن الحديث عن إصلاحات في السلطة الفلسطينية، والاستعانة بقوات دولية لفرض الأمن في غزة بعد التوصل إلى اتفاق بين “حماس” و”إسرائيل”، لن يكون ممكناً.

ويقول: إن “الكلام الذي يدور في واشنطن حول اليوم التالي لوقف الحرب بغزة، يجري في سياق التمكن من كسر المقاومة وهزيمة حماس وإنهاء المقاومة عسكرياً، ومن ثم سيكون هناك شكل من أشكال الحكم في غزة، وفرض السلطة الفلسطينية سيطرتها على القطاع”.

بغدادي، الذي يعتقد عدم إمكانية تحقق هذا الطرح، يستشهد بمحاولات خلال الحرب الجارية في غزة، كانت تسعى من خلالها السلطة الفلسطينية لإعادة فرض سلطتها على القطاع، لكنها لم ترَ النجاح، وفق قوله.

وأشار إلى أنه كانت هناك بعض المحاولات للسلطة الفلسطينية في غزة؛ منها “إحياء روابط القرى، وفشلت، وكانت هناك عمليات توزيع الأغذية والمساعدات عبر بعض العوائل بمعرفة الجانب الإسرائيلي، وأيضاً فشلت”.

ويتطرق بغدادي أيضاً، إلى الحديث عن موضوع الميناء في غزة ووجود قوات عربية أو دولية لفرض النظام بالقطاع، ويعتقد أن كل هذا يجري “وفق تصوُّر إمكانية كسر المقاومة”.

ويؤكد أن أي محاولة لكسر المقاومة “أمر غير ممكن”، مبيناً: “حتى هذه اللحظة، المقاومة ما تزال قائمة وما تزال تثخن في العدو، ولها اليد العليا على الأرض في غزة، رغم كل الجراح التي يعانيها الفلسطينيون”.

ويلفت إلى أن “كل هذه التصورات تريد أن تحقق بالسياسة ما عجزت عنه الحرب، ولا نعتقد أن هذا الأمر ممكن في المدى المنظور، ويجب أن لا يكون ممكناً، بل يجب أن نسعى لإفشاله”.

“الخليج أونلاين”

شاهد أيضاً